فصل
في الشكّ في المكلّف به.
وهو إمّا لكونه مردّدا بين المتباينين ، أو لكونه مردّدا بين الأقلّ والأكثر. والبحث عن الثاني متأخّر طبعا عن الأوّل ، لأنّ فيه جهتين باعتبار إحداهما يكون الشكّ في أصل التكليف ، فيكون موردا لأدلّة البراءة ، وباعتبار الأخرى يكون الشكّ في المكلّف به ، فيكون موردا للاشتغال ، فهو نظير البحث عن أحكام الخنثى ، المتأخّر طبعا عن البحث عن الأحكام المختصّة بالرجل والأحكام المختصّة بالمرأة.
وكيف كان يقع الكلام في مقامين :
الأوّل : في المتباينين.
ذكر في الكفاية أنّه لا فرق بين العلم التفصيليّ والإجمالي في ناحية التنجيز وعدمه ، وإنّما الفرق بينهما من ناحية المعلوم ، فإنّ المعلوم لو كان تكليفا فعليّا من جميع الجهات ، لا يعقل جعل الحكم الظاهري ، سواء في ذلك العلم الإجمالي والتفصيليّ ، ولا يجوز للشارع الترخيص في بعض الأطراف فضلا عن جميعها. ولو لم يكن فعليّا من جميع الجهات ، ففي العلم التفصيليّ لو تمّ سائر الجهات الفعليّة ، لا مجال للحكم الظاهري ، وأمّا في العلم الإجمالي فلا مانع من الترخيص في ارتكاب جميع الأطراف فضلا عن بعضها (١).
وفيه أوّلا : أنّ نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علّته التامّة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠٦ ـ ٤٠٧.