لا يمكن تخلّفه بعد تحقّق الموضوع ، كما مرّ مرارا ، فلا يعقل بعد ذلك دخل شيء آخر في فعليّة الحكم ، فالعلم التفصيليّ حيث لا دخل له في موضوع الحكم ـ فإنّه بمنزلة قيام زيد ، الّذي لا ربط له بالحكم ـ فلا دخل له في فعليّة الحكم أيضا.
وثانيا : لو سلّمنا دخله في الموضوع وأغمضنا عن أنّه خارج عن محلّ الكلام ـ فإنّ الكلام في العلم الطريقي لا الصفتي ـ وعن أنّه خلاف ما التزم به ـ من استحالة كون العلم بالحكم دخيلا في موضوع الحكم ـ فلا فرق في العلم التفصيليّ والإجمالي في ذلك ، بل كما يمكن أخذ العلم التفصيليّ في موضوع الحكم كذلك يمكن أخذ العلم الإجمالي في الموضوع ، كما أنّه يمكن أخذهما معا بأن يقول : «إذا علمت بحرمة الخمر تفصيلا أو إجمالا فهو حرام».
وبالجملة ، محلّ الكلام في المقام هو جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي وعدمه بعد الفراغ عن أنّ الأحكام مشتركة بين العالم والجاهل بها ، فالفرق بين المعلوم بالعلم التفصيليّ والإجمالي في جريان الأصول وعدمه ، تعسّف.
ثمّ إنّ ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ـ من اختصاص النزاع بالأصول الجارية في مرحلة ثبوت التكليف ومرحلة الاشتغال ، وعدم جريان النزاع في الأصول الجارية في مقام الامتثال وفي مرتبة خروج المكلّف عن عهدة التكليف (١) ـ لا وجه له ، بل النزاع جار في كلا المقامين ، وذلك لأنّ مركز البحث وما يدور حوله القول بتنجيز العلم الإجمالي وعدمه هو البحث عن شمول أدلّة الأصول لجميع الأطراف بحيث يجوز للمكلّف أن يرتكب جميع الأطراف ، أو شمولها
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣٨.