مشكوكا يشمله دليل الأصل (١) ، فإنّ الظاهر ـ والله العالم ـ أنّ مراده ـ قدسسره ـ أنّ عنوان «أحدهما» مقطوع الحلّيّة أو بحكم مقطوع الحلّيّة ، فلا مورد لجريان الأصل فيه ، وليس فردا ثالثا مشكوكا حتى يشمله دليل الأصل.
بقي احتمال آخر ، وهو : أن يشمل دليل الأصل كلا الطرفين لكن لا بنحو التعيين بل بنحو التخيير بأن كان شرب كلّ واحد من الإناءين مباحا تخييرا وعند ترك شرب الآخر ، وكان دليل الأصل شاملا للشبهات البدويّة بنحو التعيين ولأطراف العلم الإجمالي بنحو التخيير ، ولا يلزم منه استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، كما لا يلزم ذلك في دليل لزوم إنقاذ الغريق الشامل لموارد غير المتزاحمة بالتعيين وموارد التزاحم بالتخيير.
والحقّ عدم صحّة هذا الاحتمال أيضا ، وذلك لأنّ التخيير لو كان تخييرا شرعيّا من قبيل التخيير بين الخبرين المتعارضين ، فهو يحتاج إلى دليل خاصّ مفقود في المقام.
وإن كان تخييرا عقليّا ناشئا من عدم قدرة المكلّف على العمل بكلا الأصلين نظير التخيير في باب التزاحم ، الناشئ من عدم قدرة المكلّف على امتثال كلا التكليفين : التكليف بإنقاذ هذا ، أو ذاك ، فالمفروض خلافه ، ضرورة أنّ المكلّف قادر على شرب كلّ من المائعين ، كما أنّه قادر على الترك بالمرّة ، وليس المانع من الإطلاق وشمول دليل الأصل لكلا الطرفين في مقام الامتثال ـ كما في إنقاذ الغريقين حتى يقال : إنّ العقل يستقلّ بالتخيير بين الأخذ بكلّ واحد من الدليلين اللذين لا يقدر على امتثال كليهما ـ بل في مقام أصل الجعل ، لما عرفت من أنّ الترخيص في كلا الطرفين ترخيص في المعصية ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٢٩.