الأوّل : أنّ وجوب الموافقة القطعيّة لا يدور مدار حرمة المخالفة القطعيّة ، فلو فرضنا عدم حرمة المخالفة القطعيّة في مورد لعدم القدرة أو غير ذلك ، لا يسقط وجوب الموافقة القطعيّة ، وذلك لما ذكرنا من أنّ مدار منجّزيّة العلم الإجمالي على تساقط الأصول في الأطراف ، إذ بعد تساقط الأصول يكون احتمال التكليف الموجود في البين غير مقرون بالمؤمّن ، وكلّ احتمال التكليف الّذي لا يكون مقرونا بالمؤمّن من العقل أو النقل منجّز ولو كان احتمالا بدويّا ، ومقتضى منجّزيّة الاحتمال هو الاحتياط ، فالموافقة القطعيّة للتكليف المحتمل غير المقرون بالمؤمّن واجبة ولو لم يمكن مخالفته القطعيّة.
ومن هنا ظهر أنّ ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ـ من أنّ وجوب الموافقة القطعيّة يدور مدار حرمة المخالفة القطعيّة ، ففي الشبهة غير المحصورة حيث لا تحرم المخالفة القطعيّة ، لعدم القدرة على ارتكاب جميع الأطراف لا تجب الموافقة القطعيّة أيضا (١) ـ لا يبتني على أساس صحيح.
الثاني : أنّ العلم الإجمالي مؤثّر فيما إذا لم يكن التكليف في بعض أطرافه منجّزا بواسطة القطع الوجداني أو قيام الأمارة عليه أو جريان أصل أو قاعدة بلا معارض ، كما إذا علم بوقوع قطرة من الدم في إناء معيّن ، وبعد ذلك علمنا إجمالا بوقوع قطرة أخرى من الدم إمّا في هذا الإناء أو إناء آخر ، أو قامت أمارة على نجاسة إناء معيّن ، وبعد ذلك علم إجمالا بوقوع قطرة إمّا في هذا الإناء أو إناء آخر ، أو كان إناء معيّن مستصحب النجاسة فوقعت قطرة إمّا فيه أو في إناء آخر بالعلم الإجمالي ، أو علم باشتغال ذمّته بصلاة أدائيّة بمقتضى قاعدة الاشتغال ، وبعد ذلك علم إجمالا باشتغال ذمّته إمّا بهذه الصلاة الأدائيّة أو صلاة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٦.