فالشكّ في نجاسة الإناء الأبيض شكّ بدويّ بقاء وإن كان مقرونا بالعلم الإجمالي حدوثا ، ولا يضرّ ذلك ، لما عرفت من أنّ المنجّزيّة دائرة مدار العلم حدوثا وبقاء من دون فرق بين العلم التفصيليّ والإجمالي.
والحاصل : أنّ كلّ ما كان بوجوده المقارن موجبا لعدم تأثير العلم الإجمالي كان بوجوده الواقعي السابق موجبا لانحلال العلم الإجمالي وإن كان بوجوده العلمي متأخّرا ، فإنّ العبرة بالمنكشف لا الانكشاف.
الأمر الثالث : أنّه إذا فرضنا أنّ الأصل الجاري في بعض أطراف العلم الإجمالي كان أكثر أثرا منه في البعض الآخر ولم يكن قدر مشترك في البين ، كما إذا علم إجمالا بنذر سورة وتردّد أمرها بين التوحيد يوم الخميس أو البقرة يوم السبت أو علم بكونه مديونا لأحد وتردّد أمره بين درهم لزيد أو درهمين لعمرو ، فلا ريب في تنجيز العلم من حيث جميع الآثار ، لتعارض الأصلين وتساقطهما ، فلا بدّ من الاحتياط ـ بحكم العقل ـ بقراءة كلتا السورتين ، وإعطاء دراهم ثلاث.
وأمّا إن كان أثر مشترك لكلّ من الأصلين وكان أحدهما مختصّا بأثر دون الآخر ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد المائعين اللذين أحدهما مضاف والآخر مطلق ، فإنّ لأصالة الطهارة أثرا مشتركا بينهما ، وهو : جواز الشرب ، وأثرا مختصّا بجريانها في الماء ، وهو : جواز التوضّؤ منه.
فذهب شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ إلى تساقط الأصلين بالنسبة إلى الأثر المشترك ، وجريان أصالة الطهارة في الماء بالقياس إلى أثره المختصّ ، وهو : جواز التوضّؤ منه (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٠.