والظاهر عدم تماميّة ذلك ، وذلك لأنّ أصالة الطهارة بعد أن سقطت بواسطة المعارضة ولم يحكم الشارع بطهارة الماء فلا يجوز التوضّؤ منه ، فإنّ من شرائط صحّة الوضوء إطلاق الماء ، اللازم إحرازه وجدانا أو تعبّدا ، وهو مفقود في المقام بكلا قسميه.
نعم ، لو لم يكن المعلوم بالإجمال نفس الحكم الشرعي بل كان سبب الحكم ، كما إذا علم إجمالا بأنّه استقرض من زيد درهما أو كسر إناءه الّذي يساوي درهمين ، فلا ريب في عدم تأثير العلم بالقياس إلى الدرهم الزائد ، وذلك لأنّ المكلّف لا يعلم اشتغال ذمّته بأزيد من الدرهم ، فالشكّ بالقياس إلى الزائد شكّ بدوي يرجع فيه إلى البراءة.
وليعلم أنّ العلم إجمالا بتنجّس شيء إمّا بالبول حتى يلزم غسله مرّتين أو بالدم حتى يكفي مرّة وإن كان من هذا الباب إلّا أنّه لا يجري فيه البراءة بالقياس إلى المرّة الثانية ، لوجود أصل حاكم عليه ، وهو استصحاب نجاسته بعد غسله مرّة.
الأمر الرابع : هل العلم الإجمالي في التدريجيّات منجّز أم لا؟
ومورد الكلام ما إذا كان احتمال التكليف منجّزا بواسطة العلم الإجمالي ، أمّا لو كان منجّزا مع قطع النّظر عن العلم الإجمالي ، فهو خارج عن محلّ الكلام.
وهذا كما إذا علم إجمالا بابتلائه في إحدى معاملاته بالربا ، فإنّ احتمال حرمة كلّ معاملة من حيث الجهل بالحكم أو الموضوع منجّز ولو لم يكن مقرونا بالعلم الإجمالي ، ضرورة أنّ الشبهة حكميّة قبل الفحص في الجهل بالحكم ، ومصداقيّة لا يجوز التمسّك بها بعمومات (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) و (أَوْفُوا
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.