العقاب على إهراق الماء الموجود كذلك لا يشكّ في استحقاقه العقاب على إهراق الماء إذا لم يكن المولى عطشان فعلا ولكنّه يعلم بأنّه بعد ساعة يعرض له العطش المهلك ، وكما يقبح للمولى تفويت الملاك الموجود في الأوّل كذلك يقبح في الثاني تفويت ما يوجد بعد ذلك من الملاك (١).
والأمر كما أفاده قدسسره ، فالحقّ تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيّات بتمام أقسامها.
الأمر الخامس : في الشبهة غير المحصورة.
والكلام يقع تارة في مفهومها ، وأخرى في حكمها.
أمّا مفهومها : فالظاهر أنّ ليس لها معنى محصّل ، فإنّ المراد من عدم الحصر إن كان ما تكون أطرافه بمرتبة من الكثرة يعسر عدّها ، ففيه أوّلا : أنّه إحالة إلى المجهول ، حيث إنّه تختلف الموارد باختلاف زمان العدّ ، فإن كان مقدار ثانية ، يعسر عدّ ما كان أطرافه عشرة ، وإن كان مقدار يوم ، لا يعسر عدّ ما كان أطرافه آلافا. وتقييد ذلك بالزمان القليل أيضا إحالة إلى المجهول ، إذ لا يعلم أنّه الثانية أو الدقيقة أو الساعة.
وثانيا : لازمه أن يكون ما إذا تنجّس حبّ من التمّن ، المردّد بين قدر من الطبيخ من الشبهة غير المحصورة مع أنّهم لا يلتزمون به. والقول بأنّ الاعتبار باللّقم لا بالحبوب لا وجه له ، فإنّ اللقمة ليست طرفا للعلم.
وإن كان المراد من عدم الحصر هو ما يعدّ في العرف غير محصور ، كما قال بعض (٢) ، ففيه ـ مضافا إلى أنّه ليس من موارد ما يؤخذ مفهومه من العرف ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٢) نسبة الشيخ في فرائد الأصول : ٢٦٠ إلى الشهيد والمحقّق الثانيين والميسي وصاحب المدارك.