بين الأكبر والأصغر المقطوع بقاؤه بعد التوضّؤ على الأوّل ، والمقطوع زواله بعد ذلك على الثاني ، فتحقّق في محلّه جريان مثل هذا الاستصحاب المسمّى بالقسم الثاني من استصحاب الكلّي ، فلا مانع من استصحاب كلّي وجوب الاجتناب في المقام ، كما لا مانع من استصحاب كلّي الحدث وإن لا تترتّب على هذا الاستصحاب آثار الفرد من حرمة دخول المسجد والمسّ وغير ذلك ، وإنما تترتب عليه آثار نفس الكلّي من عدم جواز الدخول في الصلاة إلّا بعد الغسل.
وحاصل الجواب : أنّه فرق بيّن بين العلم بثبوت أصل التكليف والشكّ في بقائه من أيّ سبب كان ، كما في مثال الحدث ، وبين الشكّ في أصل حدوث التكليف ، ولا ريب أنّ الأوّل مورد للاشتغال واستصحاب التكليف الثابت ، والثاني مورد للبراءة ، والمقام من قبيل الثاني لا الأوّل ، وذلك لأنّ المعلوم بالإجمال في المقام إنّما هو التكليف الفعليّ على كلّ تقدير ، وهو مقطوع الزوال بعد تحقّق الاضطرار ، وما يحتمل بقاؤه هو وجوب الاجتناب المردّد تعلّقه بالماء المضطرّ إلى شربه حتى يكون ساقطا أو بالخلّ غير المضطرّ إلى شربه حتى يكون باقيا ، فالاستصحاب في المقام من قبيل استصحاب الفرد المردّد الّذي لا نقول به ، لا القسم الثاني من استصحاب الكلّي.
وبالجملة ، ليس الشكّ في المقام شكّا في بقاء التكليف بعد العلم بثبوته ، بل الشكّ في المقام شكّ في أصل حدوث التكليف ، فإنّ وجوب الاجتناب عن الخلّ غير المضطرّ إلى شربه لم يكن معلوما في زمان حتى نستصحبه أو نحكم بلزوم الخروج عن عهدته بحكم العقل ، بل من أوّل الأمر كان مشكوكا ، لاحتمال وقوع النجس في الطرف المضطرّ إليه.
المقام الثاني : في الاضطرار إلى بعض الأطراف لا على التعيين.
والظاهر أنّه لا يوجب سقوط العلم عن التنجيز في جميع الصور حتى