بين العالم والجاهل ، فإنّ مضمون بعضها أنّ من أخفت فيما لا ينبغي أن يخفت فيه إن كان عامدا نقض صلاته ، وإن كان جاهلا أو ناسيا أو غافلا صحّت صلاته (١).
وبالجملة روايات الباب لا تدلّ إلّا على الإجزاء (٢) ، وهي بنفسها شاهدة على أنّ من أخفت في الجهرية كان وظيفته الجهر ، وينبغي أن يجهر فيه وإن كان جاهلا به ، لكنّه لا يجب عليه إعادة الصلاة ويجزئ ما أتى به إخفاتا.
وأمّا وجه الإجزاء ـ مع أنّه غير مأمور به ـ فهو مطلب آخر يأتي في محلّه إن شاء الله.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ القطع لو كان طريقيّا محضا وتعلّق بالحكم الشرعي ، لا يمكن أخذه في موضوع نفسه ، ولا منع اتّباع بعض أفراده ، وليس لنا مورد يكون كذلك في الشريعة.
هذا كلّه في أخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه ، وأمّا أخذه في موضوع حكم آخر ، فإن كان مماثلا له ، فقد اتّضح حاله أيضا من مطاوي
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ ـ ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٣ ، الوسائل ٦ : ٨٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ١.
(٢) أقول : الإجزاء خلاف ظواهر الأدلّة والروايات ، فإنّ الإجزاء معناه الاكتفاء بالناقص عن التامّ ، وعدم وجوب الإعادة ـ كما هو مفاد الروايات ـ ظاهر في أنّ العمل تامّ ليس فيه نقص ، وهذا يعني أنّ العلم بوجوب الجهر شرط وموضوع لفعليّة الوجوب. هذا أوّلا.
وثانيا : قوله عليهالسلام : «تمّت صلاته» الموجود في بعض الروايات نصّ في أنّ المأتيّ به كامل وتامّ ، وإذا كانت الصلاة الجهريّة مكان الإخفاتيّة وبالعكس تامّة ، فلا مجال للإجزاء ، وهذا يعني شرطية العلم بوجوب الإخفات أو الجهر في فعليتهما.
وثالثا : أنّ سيّدنا الأستاذ استدلّ في مواضع على كون العمل ناقصا بوجوب الإعادة ، ولازمه أنّ عدم وجوب الإعادة دليل على كمال العمل ، وكمال العمل وتمامه لا يجتمع مع الإجزاء. (م).