الحرمة في الأموال وأنّ مقتضاه هو إحراز سبب الحلّ وحيثيّته في الحكم بالحلّيّة ، فيجوز على الأوّل ويحرم على الثاني.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا اندراج هذه الصغرى في تلك الكبرى على تقدير عدم وجود الحالة السابقة على ملكيّة الغير ، وعدم اندراجها فيها على تقدير وجود الحالة السابقة على ذلك.
إذا عرفت هذه المقدّمة ، فنقول : قد ذكر لوجوب الاجتناب عن ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة وجهان :
أحدهما : أنّ الاجتناب عن ملاقي النجس عين الاجتناب عن النجس ، وليس ملاقي النجس فردا آخر من النجس محكوما بحكم آخر غير الحكم بوجوب الاجتناب عن النجس ، بل هناك حكم واحد ـ وهو وجوب الاجتناب ـ متعلّقه هو النجس فقط لو لم يلاقه شيء آخر ، وتتّسع دائرته ويسري إلى ملاقيه أيضا على تقدير الملاقاة ، كما إذا امتزج الملاقي بالملاقى ، وجرى الاصطلاح على تسمية ذلك بالسراية.
واستدلّ على ذلك برواية الشيخ عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : «لا تأكله» فقال الرّجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي لأجلها ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «إنّك لم تستخفّ بالفأرة وإنّما استخففت بدينك ، إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء» (١) إلى آخره ، بتقريب أنّ المستفاد من جعل الإمام عليهالسلام عدم الاجتناب عن ملاقي الميتة ـ وهو الطعام الواقع فيه الفأرة ـ استخفافا بحرمة الميتة : أنّ حرمة الطعام الملاقي من جهة حرمة الفأرة الملاقاة ، وسراية نجاستها
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٢٠ ـ ١٣٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٤ ـ ٦٠ ، الوسائل ١ : ٢٠٦ ، الباب ٥ من أبواب الماء المضاف ، الحديث ٢.