والآخر نافيا ، فلا إشكال في جريان كلا الأصلين الطوليّين ، وتساقط الأصلين العرضيّين فقط ، وهذا كما إذا علم إجمالا ببطلان صلاة المغرب أو العشاء من جهة العلم بزيادة ركوع في المغرب أو نقيصة ركوع في العشاء ، فالأصلان العرضيّان ـ وهما قاعدة الفراغ في المغرب والعشاء ـ ساقطان بالمعارضة ، وأمّا الطوليّان ـ وهما استصحاب عدم زيادة الركوع في المغرب واستصحاب عدم إتيان الركوع في العشاء ـ فجاريان بلا إشكال ، فيجب الإتيان بالعشاء فقط دون المغرب.
ثمّ إنّه بعد ما عرفت تلك الكبرى الكلّيّة أعني عدم تساقط الأصول طوليّة وعرضيّة ، بل تساقط العرضيّة منها فقط فيما إذا كانت الأصول العرضيّة متماثلة ومن سنخ واحد ، وتساقطها بأجمعها فيما إذا لم تكن الأصول العرضيّة متماثلة ومن سنخ واحد ، نقول في تطبيقها على ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة : إنّ الأصلين العرضيّين الجاريين في الملاقى وعدله تارة (١) يكونان متماثلين ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة ثوب أو ماء ، فإن لاقى الماء ماء آخر ، فأصل الطهارة في الملاقي بلا معارض ، إذ ليس أصل طولي في الطرف الآخر ـ الّذي هو الثوب ـ حتى يعارضه. وإن لاقى الماء الآخر الثوب ، فأصالة الطهارة في الملاقي تعارض بأصالة الحلّ في الماء ، وبعد وقوع المعارضة بين هذين الأصلين الطوليّين يتساقطان ، فلا بدّ من الاجتناب عن الملاقي ، كما يجب الاجتناب عن الملاقى وعدله بواسطة تعارض الأصلين العرضيّين.
وأمّا المقام الثاني ـ وهو ما لم يحصل العلم بالنجاسة أوّلا ـ فإن حصل العلم بالملاقاة حال حصول العلم بالنجاسة ، فذهب صاحب الكفاية إلى لزوم
__________________
(١) كذا ، حيث لم يذكر عدلها فيما بعد.