الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١) وقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(٢) فإنّ (شَهِدَ) ليس معناه هنا الحضور ، بل بمعنى المشاهدة والرؤية ، كما في قوله : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» (٣) فإنّ الغاية لجواز الأكل والشرب هو الفجر الواقعي لا المعلوم والمبيّن ، والموضوع لوجوب الصوم هو شهر رمضان واقعا لا شهوده ورؤية هلاله.
ثمّ إنّ شيخنا العلّامة الأنصاري ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ قد قسّم القطع الموضوعي إلى قسمين : أحدهما : ما يكون على نحو الصفتيّة ، والآخر : ما يكون مأخوذا على نحو الطريقيّة (٤).
وجعل صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ كلّ واحد منهما منقسما إلى قسمين : جزء الموضوع وتمام الموضوع (٥).
ولا ريب في تقسيمه إلى الطريقيّة والصفتيّة. وبيان ذلك أنّ الصفات الموجودة في الخارج على قسمين : قسم منها ما لا تعلّق له بغيره ، كقيام زيد ونومه ويقظته وأمثال ذلك ، وقسم له تعلّق بالغير وإضافة إلى الغير ، ويسمّى في اصطلاح الفلاسفة بالصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ، كعلم زيد وإرادته وقدرته وعجزه وغير ذلك من صفاته ممّا يحتاج إلى أمر آخر تتعلّق الصفة به وتضاف إليه ، ويقال : علم بكذا ، وأراد كذا ، وقادر على كذا ، وعاجز عن كذا.
وتسميتها بالحقيقيّة من جهة أنّها أمور موجودة في النّفس حقيقة ،
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) البقرة : ١٨٥.
(٣) التهذيب ٤ : ١٦٤ ـ ٤٦٤ ، الوسائل ١٠ : ٢٩١ ، الباب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان ، الحديث ٤.
(٤) فرائد الأصول : ٤.
(٥) كفاية الأصول : ٣٠٣.