الاجتناب عن الملاقي ، لكونه والملاقى معا طرفا للعلم الإجمالي (١) ، فهو نظير ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة إمّا على الثوب أو في أحد الإناءين ، وما إذا علم بفوت صلاة الصبح أو المغرب والعشاء معا.
واختار شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ عدم لزوم الاجتناب ، نظرا إلى أنّ العبرة في تنجيز العلم الإجمالي بالمنكشف لا الكاشف ، ومن المعلوم أنّ نجاسة الملاقي في رتبة متأخّرة عن نجاسة الملاقى ، فهو فرد آخر من النجاسة مشكوك الحدوث ، ولا يتوقّف الاجتناب عن المعلوم بالإجمال على الاجتناب عن الملاقي (٢).
والحقّ أن يقال : إنّ من المعلوم أنّ الاعتبار بالمعلوم والمنكشف ، كما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ، لا العلم والكاشف ، ومع ذلك يختلف الحكم ، فإن كان المعلوم بأحد العلمين متأخّرا أو متقدّما عن المعلوم بالعلم الآخر بأن كانت الملاقاة متأخّرة في الواقع عن النجاسة ، لا يجب الاجتناب عن الملاقي ، كما إذا علمنا يوم الأحد بنجاسة أحد الإناءين يوم الجمعة وعلمنا في ذلك اليوم أيضا بملاقاة ثوبنا لأحدهما يوم السبت ، فظرف العلم بالنجاسة والشكّ في نجاسة أحد الإناءين والملاقى وظرف العلم بالملاقاة واحد وهو يوم الأحد ، وظرف الملاقاة يوم السبت ، وظرف النجاسة يوم الجمعة ، والعلم بنجاسة أحدهما يوم الجمعة يوجب تنجّز المعلوم في ظرفه من الآن ، فالملاقي وعدله لا إشكال في وجوب الاجتناب عن كلّ منهما ، لأنّ احتمال نجاسة كلّ منهما احتمال لانطباق النجس المعلوم في البين عليه ، والمفروض عدم اقتران هذا الاحتمال في شيء منهما للمؤمّن ، لتساقط الأصول بواسطة المعارضة.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١٢.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٦٣ ـ ٢٦٤.