به (١). هذا ملخص ما أفاده في المقام.
أقول : ما أفاده من أنّ المتيقّن هو الجامع بين الطبيعة المأخوذة لا بشرط من السورة والمأخوذة بشرط شيء متين جدّاً إلّا أنّه لا مانع من انحلال العلم الإجمالي ، إذ الطبيعة المهملة قابلة للعصيان والإطاعة قطعا ، ضرورة أنّا نعلم باستحقاق العقاب على ترك الصلاة بترك ما عدا السورة من الأجزاء وبعدم الإتيان بالصلاة رأسا ، لا الأجزاء المقيّدة بالسورة ولا الخالية عنها ، لتماميّة البيان والحجّة بالقياس إلى هذا الجامع ، فلا عذر في تركه.
وأمّا الخصوصيّة البشرطشيئيّة فحيث لم تصل إلى العبد فترفعها قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، والخصوصيّة اللابشرطيّة وإن كانت أيضا مشكوكة إلّا أنّها لا معنى للبراءة عنها ، إذ دليل البراءة يرفع الكلفة والضيق ، ويجعل المكلّف في سعة من المشكوك بحيث يكون أمر فعله وتركه بيده ، والإطلاق المشكوك في المقام لا ضيق فيه ولا كلفة ، بل هو ـ كما مرّ غير مرّة ـ رفض القيود ، فلو كان المأمور به في الواقع هو المأخوذ لا بشرط ومطلقا ، فيكون المكلّف في سعة وفسحة من ناحية السورة ، ويكون أمر فعلها وتركها بيده ، فأيّ معنى لجريان البراءة فيه؟
والحاصل : أنّ كلّا من الخصوصيّتين وإن كان مشكوكا كالنجس المعلوم في البين بين الإناءين المشكوكة خصوصيّة كلّ منهما في المردّد بين المتباينين إلّا أنّه فرق بين المقامين ، فإنّ كلّا من الخصوصيّتين هناك فيه كلفة وضيق قابل في نفسه للرفع بدليل البراءة ، بخلاف المقام ، بداهة أنّ إحدى الخصوصيّتين ـ وهي خصوصيّة اللابشرطيّة ـ لا ضيق فيها أصلا ، فلا معنى لجريان البراءة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩.