أنّ هذا الاحتمال موجود مع الإتيان بالأقلّ وترك السورة من جهة احتمال جزئيّة السورة ، فالقطع بحصول الغرض لا يمكن ، والعقاب مأمون من ناحيته ، فيبقى احتمال العقاب على ترك السورة ، لاحتمال وجوبها ، وهو مرفوع أيضا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان (١).
وفيه أوّلا : أنّه أخصّ من المدّعى ، فإنّ لازمه الالتزام بوجوب الاحتياط في التوصّليّات التي لا سبيل إلى اعتبار قصد الوجه فيها.
وثانيا : أنّ قصد الوجه ـ مضافا إلى أنّا نقطع بعدم اعتباره ، لما ذكرنا سابقا من أنّه ممّا يغفل عنه عامّة المكلّفين ، فلو كان معتبرا ، لبيّن في الأخبار والآثار مع كثرة الاحتياج إليه ونقل بالتواتر ، مع أنّه ليس له أثر في خبر واحد فضلا عن المتواتر ـ لا يعتبر في الأجزاء حتى عند من يعتبره من المتكلّمين ، والوجوه الواهية التي ذكروها كلّها تختصّ بالواجب النفسيّ ، ومن المعلوم إمكان إتيان الصلاة بقصد الوجه.
وثالثا : أنّ لازمه عدم إمكان الاحتياط ، إذ الاحتياط لو كان بداعي تحصيل القطع بحصول الغرض ، فالمفروض أنّه غير ممكن ، وإن كان بداعي الفرار عن تبعة العقاب على مخالفة ترك السورة ، فالمفروض أنّه مرفوع بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وبالجملة ، مثل هذه الأجوبة لم يكن مترقّبا من مثله قدسسره.
وأجاب عن هذا الإشكال شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ بأنّ الأغراض المترتّبة على الأحكام تارة تكون بنحو ترتّب المعلول على علّته التامّة ، كترتّب القتل على الذبح ، فيصحّ الأمر بالعلّة بأنّ يقول : «اذبح زيدا» كما يصحّ الأمر بالمعلول
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٧٣.