لا يلتفتون إلى أنّ للمولى غرضا في ذلك لازما حصوله ، كما في الانتهاء عن الفحشاء ، المترتّب على الصلاة مثلا أو شيء آخر.
وفي هذا القسم لو كان هذا الغرض اللازم من الأهمّيّة بمرتبة لا يرضى. المولى بفوته حتى في ظرف الجهل ، لكان عليه البيان بإيجاب الاحتياط في ظرف الجهل ، فإذا فرضنا لم يبيّن جميع ما له دخل في غرضه أو بيّن ولم يصل إلى العبد ولم يوجب الاحتياط وأتى العبد بجميع ما يعلم دخله في غرض المولى ، فالعقل يستقلّ بقبح العقاب على فوت مثل هذا الغرض قطعا.
فالحقّ ما أفاده شيخنا الأنصاري ـ قدسسره ـ من جريان البراءة العقليّة عن الأكثر (١) وإن كان تعبيره بأنّ الأقلّ متيقّن الوجوب المردّد بين النفسيّ والغيري (٢) لا يكون حسنا كما ذكرنا آنفا.
الجهة الثانية من المقام الأوّل : في جريان البراءة النقليّة.
وعلى ما اخترناه ـ وفاقا للشيخ قدسسره ـ من جريان البراءة العقليّة في الأكثر فجريان البراءة الشرعيّة أيضا واضح ، ويأتي فيه البيان المتقدّم هناك بعينه.
فنقول : جزئيّة ما عدا السورة المنتزعة من الأمر النفسيّ المتعلّق به متيقّنة ، وجزئيّة السورة وتعلّق الأمر النفسيّ بها مشكوكة وغير معلومة ، فيشملها «رفع ما لا يعلمون» وغيره من أدلّة البراءة.
ولا مورد ل «إن قلت وقلت» كما في الكفاية من أنّ رفع وجوب الأكثر بحديث الرفع لا يثبت وجوب الأقلّ (٣) ، ضرورة أنّ وجوب الأقلّ معلوم لا نريد إثباته بالأصل ، فأيّ مناسبة لهذا السؤال؟
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٧٣.
(٢) فرائد الأصول : ٢٧٥.
(٣) كفاية الأصول : ٤١٦.