الماء.
وصاحب الكفاية ـ قدسسره ـ قد أنكر البراءة العقليّة في المركّب الخارجي وما يكون للمشكوك وجود منحاز في الخارج فضلا عن المقام (١) ، والتزم بجريان البراءة النقليّة في القسم الأوّل ـ الّذي يعبّر بدوران الأمر بين شرطيّة شيء للواجب وعدمها ـ دون سائر الأقسام بدعوى أنّ الخصوصيّة المشكوك دخلها تنتزع في القسم الأوّل ـ أي في دوران الأمر بين المشروط وغيره ـ عن الشرط الّذي هو أمر مغاير مع المشروط في الوجود ، ولأجل ذلك يتصوّر القدر المتيقّن ، وهو الطبيعة المهملة الجامعة بين المطلقة والمشروطة ، فيرفع الاشتراط ـ الّذي هو تكليف زائد وضيق على المكلّف ـ ب «رفع ما لا يعلمون» وغيره من أدلّة البراءة النقليّة ، وأمّا في سائر الأقسام ـ أي في دوران الأمر بين الخاصّ وغيره ـ تنتزع عن نفس الخاصّ ، فيكون الدوران بينه وبين العامّ من قبيل الدوران بين المتباينين لا الأقلّ والأكثر ، إذ المأمور به لو كان هو الخاصّ ـ وهو الرقبة المؤمنة ـ فإذا أعتق المكلّف رقبة كافرة ، فقد أتى بفرد مباين له ، وإن كان هو العامّ ، فقد أوجد مصداقا حقيقيّا للمأمور به ، ولم يتحقّق في الخارج فرض أتى المكلّف ببعض المأمور به المتيقّن ولم يأت بالزائد المشكوك حتى يرفع الزائد بالبراءة (٢). هذا حاصل ما أفاده.
ولكنّ الحقّ جريان البراءة عقلا ونقلا ، وذلك لأنّا لا نجري البراءة في الخصوصيّة حتى يقال : إنّها منتزعة عن نفس الخاصّ ، بل نجري البراءة في الإلزام المتعلّق بها ، ونقول : إنّ طبيعيّ الماء ـ مثلا ـ تحت إلزام المولى قطعا ، فالعقاب على مخالفته عقاب مع البيان ، وأمّا خصوصيّة البارديّة لا يعلم تعلّق
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١٣.
(٢) كفاية الأصول : ٤١٧.