الثاني : الدوران من جهة الشكّ في مرحلة المجعول ومقام الامتثال لأجل التزاحم وعدم قدرة المكلّف ، كما إذا لم يتمكّن المكلّف من إنقاذ كلا الغريقين الواجب إنقاذ كلّ منهما مع التمكّن ، واحتمل أهمّيّة أحدهما ، لكونه نبيّا مثلا ، إذ مع العلم بكونه نبيّا نقطع بوجوب إنقاذه تعيينيّا ، أمّا مع احتمال ذلك يردّد أمره بين كونه واجبا تعيينيّا أو تخييريّا ، وهذا الترديد لأجل التزاحم في مقام الامتثال وعدم قدرته من إنقاذ كلّ منهما.
الثالث : الدوران من جهة الشكّ في مقام الحجّيّة ، كما إذا شككنا في أنّ طريقيّة قول الأعلم وحجّيّته للمقلّد بنحو التعيين بحيث ليس له طريق آخر وحجّة أخرى غيره أو أنّها بنحو التخيير وله طريق آخر ، وهو فتوى غير الأعلم.
ثمّ الكلام في القسم الأوّل يقع في مسائل ثلاث :
الأولى : فيما علم وجوب شيء وشككنا في كون شيء آخر أيضا واجبا وعدلا له ومسقطا عنه أو لا ، فيرجع الشكّ في التعيين والتخيير إلى جواز الاقتصار على غير محتمل التعيينيّة مع العلم بوجوب كلّ منهما تخييرا أو تعيينا.
الثانية : فيما علم جواز الاقتصار على أحدهما ولكن نشكّ في كون جواز الاقتصار من باب أنّه مسقط للآخر ، لكونه عدلا له وأحد فردي التخيير ، أو لكونه رافعا لموضوعه ، وهذا يمكن فرضه في الواجبات الاستقلاليّة ، كما إذا علمنا بوجوب الإطعام فقط واحتملنا كون الصيام عدلا له ، وعلمنا أيضا بجواز الاقتصار على أحدهما ولم نعلم أنّه بأيّ وجه من الوجهين المذكورين ، وفي الواجبات الضمنيّة ، كما إذا علمنا بجواز الاقتصار على الائتمام وترك القراءة أو الاقتصار على الصلاة مع القراءة منفردا ولم يعلم أنّ الائتمام أحد فردي الواجب المخيّر أو أنّه من قبيل السفر ـ الرافع لموضوع وجوب التمام ـ رافع لموضوع وجوب القراءة في الصلاة.