المثال حتى نعلم بالفراغ عن عهدة التكليف المعلوم ، وليس الشكّ في أصل التكليف حتى يكون موردا للبراءة ، إذ المفروض أنّ وجوب عتق العبد معلوم لنا لا نشكّ فيه ، وإنّما الشكّ في مسقطيّة عتق الأمة لهذا الواجب اليقيني ، وكلّما كان الشكّ في مسقطيّة شيء للواجب في مقام الامتثال فالمرجع قاعدة الاشتغال.
وفيه : أنّ احتمال التخيير لو كان بين الأمرين اللذين بينهما جامع حقيقي ، كالمثال المزبور ، فإنّ الإنسان المملوك جامع حقيقي بين العبد والأمة ، فليس لنا إلّا العلم بتعلّق الوجوب بعتق الإنسان المملوك الجامع بين العبد والأمة ، ونقطع بأنّا لو تركنا العتق بالمرّة ولم نعتق لا العبد ولا الأمة ، خالفنا المولى قطعا ، أمّا لو أعتقنا الأمة فقد أتينا بما وصل إلينا من التكليف بالجامع وبيّن لنا من ناحية المولى ، فلو كانت في الواقع خصوصيّة العبديّة تحت إلزام المولى وكان المأمور به الواقعي هو عتق خصوص العبد دون الأمة ، فالعقاب على مخالفته عقاب بلا بيان ، فالإلزام بالخصوصيّة ، المجهول لنا مرفوع بقاعدة قبح العقاب بلا بيان و «رفع ما لا يعلمون» ، لما عرفت من أنّه لا مانع من جريان البراءة في بعض أطراف العلم الإجمالي ، أي خصوص ما يوجب الضيق من أطراف العلم ، فالمقام وإن كان من قبيل الدوران بين المتباينين ـ فإنّ أحد طرفي العلم هو الإطلاق وعدم تقيّد الواجب بكونه عبدا ، والطرف الآخر هو التقييد وتقيّده بذلك ـ إلّا أنّا ذكرنا مرارا أنّ ملاك تنجيز العلم الإجمالي هو تساقط الأصول في الأطراف بالتعارض ، وإذا لم تكن الأصول متعارضة كما في المقام ـ إذ لا معنى لجريان البراءة عن الإطلاق ، فإنّ نتيجته هي التقييد والتضييق ، وهو خلاف الامتنان ـ فلا موجب للاحتياط ، لكون جريان أصل البراءة عن التقييد والإلزام بخصوصيّة الخاصّ بلا مانع ، فالواجب بضميمة الوجدان إلى الأصل