واجب تعييني (١).
وهذا الّذي أفاده تامّ متين كبرى ولكنّه لا ينطبق على المقام ، فإنّه جار فيما كان هناك أصل لفظي يستكشف من إطلاق اللفظ وعدم ذكر عدل له أنّه غير ملحوظ للواجب في مقام الثبوت أيضا بمقتضى تبعيّة مقام الثبوت لمقام الإثبات ، وأمّا في المقام ـ الّذي مفروض الكلام فيما لم يكن أصل الوجوب في الجملة مستفادا من إطلاق دليل بل كان مستفادا من دليل لفظي مجمل أو دليل لبّيّ ـ فهو غير تامّ ، إذ ـ مضافا إلى أنّ الواجب التعييني أيضا يحتاج إلى عناية زائدة ولحاظ الخصوصيّة وجعلها تحت الإلزام ـ لا أصل لهذا الأصل أصلا ، ضرورة أنّه لا يترتّب على أصالة عدم لحاظ المولى عدلا للواجب التعييني ، ولا يثبت كون الفرد الآخر بخصوصه تحت الإلزام ، فلم يكن أصل البراءة محكوما بمثل هذا الاستصحاب.
ثمّ لا يخفى أنّ الأمر ينعكس في ظرف عدم قدرة المكلّف إلّا على الإتيان بما يحتمل كونه عدلا بمعنى أنّ مورد الأصل حينئذ هو هذا الفرد المقدور المحتمل كونه عدلا لا الفرد الآخر ، إذ إجراء البراءة في الفرد الآخر يوجب الضيق ولا بدّيّة المكلّف من إتيان هذا المقدور ، وهو خلاف الامتنان ، وأمّا إجراؤها في هذا الفرد المقدور ينتج نتيجة التعيين ، فكما أنّ محتمل التعيّنيّة لو كان واجبا تعيينيّا قطعا في الواقع ، كان المكلّف في ظرف عدم التمكّن منه في سعة ولم يكن يجب عليه الإتيان بغيره كذلك أصل البراءة يقتضي حينئذ أن يكون المكلّف في سعة من ناحية هذا الفرد المحتمل كونه عدلا ، فالأصل في ظرف التمكّن من المحتمل كونه ذا عدل ينتج نتيجة التخيير ، فإنّه الّذي يوجب
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١٥.