تمام الموضوع أنّه لا دخل للواقع أصلا ، بل الحكم مترتّب على القطع ، صادف الواقع أم لا ، ومع ذلك كيف يمكن أن يكون طريقا إلى الواقع مع أنّه في صورة المخالفة لا واقع في البين حتى يكون القطع طريقا إليه!؟ بل بتعبير صاحب الكفاية في بعض كلماته ـ قدسسره ـ هذا جهالة وضلالة لا دلالة (١) وإن كان بنظر القاطع كاشفا ولا تنفكّ الكاشفيّة عنه إلّا أنّه تخيّل الكشف لا واقعه.
والحاصل : أنّه لا يعقل في القطع الطريقي المأخوذ في الموضوع إلّا أن يكون جزء الموضوع ، فأقسام القطع الموضوعي ثلاثة لا أربعة ، كما أفاده في الكفاية (٢) ، وبضميمة القسم السابق ـ وهو الطريقي المحض ـ تصير الأقسام أربعة : الطريقيّ المحض ، والموضوعيّ الّذي أخذ على وجه الصفتيّة بنحو يكون تمام الموضوع أو جزء الموضوع ، وما أخذ في الموضوع بنحو الطريقيّة جزءا للموضوع.
ثمّ إنّه لا ريب في قيام الطرق والأمارات والأصول المحرزة ـ كالاستصحاب ـ بنفس أدلّة حجّيّتها مقام القطع الطريقي المحض ، ضرورة أنّه لولاه لانسدّ باب الاجتهاد والاستنباط.
أمّا قيامها مقام القطع الموضوعي : فالأقوال فيه ثلاثة : قيامها مقامه مطلقا حتى فيما إذا أخذ موضوعا على وجه الصفتيّة ، وعدم القيام مطلقا ولو كان أخذه فيه بنحو الطريقيّة ، والتفصيل بين ما أخذ في الموضوع على نحو الطريقيّة والكاشفيّة فتقوم ، وبين ما أخذ على وجه الصفتيّة فلا تقوم ، وهو الحقّ كما عليه شيخنا الأستاذ (٣).
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٢.
(٢) كفاية الأصول : ٣٠٣.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٩.