الأوّل : إذا دار أمر شيء بين كونه جزءا أو شرطا على نحو الإطلاق وفي جميع الأحوال حتى حال النسيان وبين كونه جزءا أو شرطا في خصوص حال الذّكر ، فهل الأصل يقتضي الأوّل حتى تكون العبادة الفاقدة للمنسيّ باطلة ، أو الثاني حتى تكون صحيحة؟ تحقيق المقام يقتضي البحث في جهات :
الأولى : أنّه إذا فرضنا صحّة العبادة الفاقدة للمنسيّ بدليل ، فهل الصحّة مستندة إلى الأمر أو الملاك؟ وجهان ـ ولا ثمرة عمليّة للبحث عن ذلك أصلا ، إذ المفروض صحّة العبادة على كلّ حال ـ نسب إلى المشهور الثاني ، واستدلّ له بأنّ الناسي بعنوانه لا يمكن أن يكلّف بشيء ويوجّه إليه الخطاب ، فإنّه إمّا أن يصل إليه أو لا ، فإن وصل ، يخرج عن كونه ناسيا بمجرّده ، ويدخل في عنوان الذاكر والملتفت ، وإن لم يصل ، يستحيل انبعاثه عنه ، وما يستحيل عنه الانبعاث يستحيل البعث إليه عن المولى الحكيم ، فالصحّة لا يمكن أن تكون مستندة إلى الأمر.
وذهب صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ إلى الأوّل ، وأجاب عن هذا الإشكال بجوابين :
الأوّل : أنّه يمكن أن يوجّه إلى الناسي الخطاب لا بعنوان الناسي حتى يلزم المحذور المذكور ، بل بعنوان ملازم له بحيث يكون المكلّف غافلا عن الملازمة ، وإلّا يعود المحذور(١).
وفيه : أنّه مجرّد فرض محض لا واقع له ، إذ ليس في البين عنوان ملازم للناسي سيّما أنّ النسيان قد يتعلّق بالسورة وقد يعرض على السجدة الواحدة وثالثة بغيرهما من الأجزاء غير الركنيّة ، وربّما ينسى شخص في بعض صلواته
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١٧ ـ ٤١٨