المأمور به في حقّه هو المأمور به في حقّ سائر الأشخاص حيث لا يلتفت إلى أنّه ناس ، وهذا لا يضرّ بالمطلوب.
ولعلّ هذا هو المراد ممّا أفاده الشيخ ـ قدسسره ـ من أنّ الأمر بالناسي وتكليفه بالإتيان بما عدا المنسيّ ممكن إلّا أنّه من باب الخطأ في التطبيق ويعتقد أنّه مكلّف بما كلّف به غيره (١) ، فإنّ الظاهر أنّ مراده ـ قدسسره ـ من التكليف والأمر ليس التكليف بنحو المخاطبة بل بنحو الجملة الخبريّة ، كما ذكرنا.
الجهة الثانية : أنّه إذا لم يكن نصّ على الصحّة ، فهل القاعدة تقتضي صحّة العبادة المنسيّ فيها جزء أو شرط ، أو بطلانها؟
والكلام في هذه الجهة في مقامين :
الأوّل : فيما يقتضيه الأصل اللفظي وهو وإن كان خارجا عن المبحث إلّا أنّه نبحث عنه تطفّلا.
ومحلّ الكلام في هذا المقام ما إذا كان لكلّ من دليلي الواجب والجزء مثلا إطلاق لفظي شامل لحال النسيان ، كما في (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(٢) فإنّ له إطلاقا زمانيّا بالقياس إلى ما بين الحدّين من الزمان ، و «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٣) فإنّه غير مقيّد بحال الذّكر ، أو كان لأحدهما إطلاق بأن كان وجوب أحدهما مستفادا من اللفظ والآخر مستفادا من دليل لبّيّ كما في الاستقرار ، فإنّ دليله الإجماع ، والقدر المتيقّن منه اعتباره حال الالتفات لا حال النسيان.
الثاني : فيما يقتضيه الأصل العملي فيما إذا لم يكن إطلاق لفظي لكلّ من
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٨٧.
(٢) الإسراء : ٧٨.
(٣) مسند أبي عوانة ٢ : ١٢٥ ، حلية الأولياء ٧ : ١٢٤ ، الكامل ـ لابن عدي ـ ٤ : ١٤٣٧.