دليلي الواجب والجزء أو لأحدهما.
أما المقام الأوّل : فالصورة الأولى منه ـ وهو ما إذا فرض أنّ كلّا من دليل الواجب ودليل الجزئيّة أو الشرطيّة له إطلاق ـ لا ريب في كون مقتضى القاعدة فيها هو الجزئيّة المطلقة غير مقيّدة بحال العمد والالتفات ، ولازمه عدم صحّة العمل الفاقد للمنسيّ ، لأنّ دليل الجزء ك «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ـ مثلا ـ له إطلاق ، فهو مثبت لجزئيّة فاتحة الكتاب حتى في حال النسيان ، وهذا الإطلاق يتقدّم على إطلاق دليل الواجب ، وهو (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(١) إلى آخره ، المثبت لكون الصلاة مأمورا بها مطلقا حتى في حال نسيان فاتحة الكتاب ، فيقيّد إطلاق دليل الجزء هذا الإطلاق بالصلاة ذات فاتحة الكتاب ، فما نسي فيه فاتحة الكتاب غير مأمور به بمقتضى إطلاق «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» فلا يكون صحيحا ، ولا مجال مع هذا الإطلاق اللفظي المثبت لعدم كونه مأمورا به ـ فإنّ معناه أنّه كلّما كانت الصلاة مأمورا بها كانت فاتحة الكتاب جزءا لها ـ للتمسّك ب «رفع ما لا يعلمون» إذ ليس لنا شكّ بعد وجود الإطلاق اللفظي.
إن قلت : الرفع وإن كان بالقياس إلى «ما لا يعلمون» رفع ظاهري أخذ في موضوعه الشكّ في الحكم الواقعي ، وإطلاق دليل الجزء أصل لفظي رافع للشكّ في جزئيّة فاتحة الكتاب حال تعلّق النسيان به ومثبت للجزئيّة حتى في حال النسيان ومقيّد لإطلاق دليل الواجب ، ومقتضاه عدم صحّة الفاقد للجزء المنسيّ ، لعدم كونه مأمورا به لو لا دليل خاصّ في البين ، ك «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس» (٢) إلّا أنّه بالقياس إلى الخطأ والنسيان وما اضطرّوا إليه وما استكرهوا
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.
(٢) الفقيه ١ : ٢٢٥ ـ ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ـ ٥٩٧ ، الوسائل ١ : ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، الباب ٣ ـ