عليه رفع واقعي ، وإذا كان الرفع واقعيّا ، فلا محالة يقيّد إطلاق دليل الجزء بغير مورد تعلّق به النسيان أو الاضطرار أو غير ذلك ، فكما أنّ شرب الخمر إذا صدر عن نسيان ليس بحرام واقعا ـ ويقيّد إطلاق دليل «لا تشرب الخمر» مع أنّه أصل لفظيّ ـ والشارب للخمر عن نسيان كأنّه لم يشرب الخمر في عالم التشريع بمقتضى رفع النسيان كذلك جزء الواجب أو شرطه إذا لم يؤت به عن نسيان ، فمقتضى رفع النسيان : رفع جزئية المنسيّ أو شرطيّته حال النسيان واقعا ، فيقيّد إطلاق دليل الجزء أو الشرط بغير مورد النسيان ، والمفروض أنّ دليل الواجب مطلق شامل لجميع الحالات والأزمان ، فيثبت كون الفاقد مأمورا به وصحيحا.
قلت : الأمر المتعلّق بالواجب لو كان انحلاليّا وبنحو مطلق الوجود ، ك «أكرم العالم» أو «أمسك عن الأكل في نهار رمضان» فالأمر كما أفيد ، فإذا نسي إكرام زيد العالم أو أكره على الأكل ، فمقتضى الرفع عدم وجوب إكرام زيد وعدم مانعيّة الأكل واقعا حال النسيان والإكراه ، لأنّ الواجب إكرام كلّ فرد من أفراد العالم والإمساك عن كلّ فرد من أفراد الأكل ، فإذا تعلّق الإكراه مثلا بفرد منه ، أو نسي ، فقد تعلّق بما هو مأمور به وبما هو مانع عن صحّة الصوم ، فحديث الرفع يقيّد إطلاق الواجب بغير حال النسيان ودليل المانعيّة بغير حال تعلّق الإكراه به.
وأمّا لو كان بنحو صرف الوجود بأن كان المطلوب طبيعيّ الصلاة مع فاتحة الكتاب ـ مثلا ـ فيما بين الحدّين ، فإذا نسي المكلّف هذا الجزء ، لا يمكن رفع الجزئيّة بحديث الرفع ، لأنّ المأمور به ـ وهو طبيعي الصلاة مع هذا الجزء ـ لم يتعلّق به النسيان ، لأنّ الوقت بعد باق ، والمكلّف قادر على
__________________
ـ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨ ، و ٧ : ٢٣٤ ، الباب ١ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث ٤.