ولكنّ الإنصاف أنّ الاتّحاد بنظر العرف كاف في الاستصحاب مطلقا بعد ما بيّن الشارع أجزاء المركّب ودلّ الدليل على أنّ الأمر لا يسقط بتعذّر بعض الأجزاء والشرائط ، كالقراءة والقيام والستر والركوع والسجود.
وذلك لأنّ العرف (١) يرى الوجوب المتعلّق بالصلاة قاعدا مع العجز عن القيام عين الوجوب المتعلّق بالصلاة قائما ، ولا يراه فردا آخر من الوجوب مباينا له ، وهذا يكفي في جريان استصحاب وجوب الأجزاء التسعة مثلا أو مقدار من الأجزاء يصدق عرفا بقاء وجوبه السابق ، فالمناط أن يكون الباقي وجوبه عين وجوب الباقي والمتعذّر بنظر العرف ، ومعه لا بأس بجريان الاستصحاب بناء على ما هو المعروف من جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة.
وبالجملة ، العرف يرى وجوب الباقي على تقدير وجوبه بقاء لوجوب المجموع فيما إذا كان المتعذّر يسيرا بحيث لا يكون الباقي عند العرف أمرا مغايرا للمجموع ، فإذا رأى العرف الصلاة جالسا والصلاة قائما موضوعا واحدا ورأى الجلوس والقيام من الأحوال العارضة على الصلاة ، يحكم بمقتضى حكم الشارع ب «لا ينقض اليقين بالشكّ» ببقاء الوجوب المتعلّق بالصلاة قائما عند تعذّر القيام ، ولو كان القيام في نظر الشارع من قبيل الأركان وممّا به قوام الصلاة التي أوجبها ، كان عليه التنبيه والبيان ، فمع عدمه يستكشف الاتّحاد في نظر الشارع أيضا ، فيجري الاستصحاب ، لتحقّق موضوعه.
__________________
(١) أقول : إنّ رؤية العرف كلا الوجوبين واحدا متوقّفة على رؤيته الواجد والفاقد واحدا ، وهي تتوقّف على تشخيص الركن من غيره ، وإذا فرضنا أنّ المركّب شرعيّ وأنّ بيان الركن وغير الركن بيد الشارع ، فلا حظّ للعرف في فهم بقاء الموضوع وعدمه ما دام لم يفهم مثلا أنّ القيام ـ الّذي هو وضع واحد ـ ركن في مقام وغير ركن في مقام آخر. (م).