جميع أجزائه أو أفراده لا يجوز ترك جميع أجزائه أو أفراده ، بل يجب الإتيان بما يمكن إدراكه.
وأورد على الاستدلال بها صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ بأنّ «ما» لها ظهور إطلاقي في العموم بالقياس إلى الواجبات والمستحبّات ، و «لا يترك» أيضا له ظهور إطلاقي في وجوب الإتيان بالمقدار الممكن الإدراك ، ولا بدّ من رفع اليد عن أحدهما ، فإمّا يكون ظهور «لا يترك» في الوجوب مقيّدا لإطلاق «ما» أو عموم «ما» رافعا لظهور «لا يترك» في الوجوب ، وكلّ منهما يصلح أن يكون قرينة للآخر ، فلا يبقى للرواية ظهور ، ويكون كلّ منهما من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة.
ويمكن الجواب عنه بما ذكرنا مرارا من أنّ الوجوب والاستحباب ليسا من المداليل اللفظيّة ، والأمر يستعمل في معنى واحد دائما ، وهما إنّما ينتزعان من ترخيص المولى في الترك وعدمه بمعنى أنّ المولى إذا أمر بشيء يحكم العقل بلزوم الإتيان به ما لم يرخّص المولى في تركه ، ويرى العقاب على مخالفته مع عدم الترخيص في الترك ، في محلّه ، ف «لا يترك» استعمل في معناه ، غاية الأمر أنّ الترخيص ثبت في المستحبّات ، فيجب الإتيان بالمقدار الممكن الإدراك في الواجبات بحكم العقل ، كما أنّ «اغتسل» في قوله عليهالسلام : «اغتسل للجمعة والجنابة» (١) استعمل في معنى واحد ، وثبت الترخيص في ترك الجمعة بالخصوص.
ويمكن أن يجاب على مبناه أيضا ـ من أنّ الوجوب والاستحباب من المداليل اللفظيّة المستفادة من نفس الصيغة ـ بأنّ «لا يترك» استعمل في الجامع
__________________
(١) ورد ما بمعناه في الكافي ٣ : ٤١ ـ ١ ، والتهذيب ١ : ١٠٧ ـ ٢٧٩ ، والوسائل ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، الباب ٣ من أبواب الجنابة ، الحديث ١.