بينهما ، وهو مطلق المطلوبيّة ، وإذا ثبتت مطلوبيّة ما يمكن إدراكه من الأجزاء ثبت وجوبه بعدم القول بالفصل.
وهذا نظير ما استدلّوا به من آية النفر لحجّيّة خبر الواحد من أنّه إذا ثبتت مطلوبيّة الحذر عند الإنذار ومحبوبيّة العمل بخبر الواحد يثبت وجوبه بعدم القول بالفصل.
فمن هذه الجهة لا إشكال في الرواية ، إنّما الإشكال في أنّ لفظ «ما» في الرواية هل هو كناية عن المركّب ذي الأجزاء أو الكلّي ذي الأفراد ، أو عن «الشيء» الجامع بينهما؟ فإن كان الأوّل أو الأخير ، يمكن التمسّك بالرواية في المقام ، وإن كان الثاني ، تصير أجنبيّة عمّا هو محلّ الكلام من وجوب ما عدا المتعذّر ، ولا يمكن (١) أن يكون المراد منه الجامع بين المركّب والكلّي ، إذ
__________________
(١) قوله : ولا يمكن إلى آخره.
أقول : لزوم كون الأمر الواحد مولويّا وإرشاديّا عند إرادة الجامع يتوقّف على كون الأمر إرشاديّا عند إرادة الكلّي وحده ، وهو غير صحيح. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ عدم وجود الجامع بين المولوي والإرشادي ممّا لا يمكن المساعدة عليه.
توضيح ذلك أنّه إذا قال المولى : «أكرم العلماء» ثم قال ثانيا : «أكرم العلماء» يكون الثاني أيضا مولويّا وإن كان غير تأسيسي ، بخلاف الأوّل ، فإنّه مولويّ تأسيسي.
إذا عرفت هذا ، فنقول : قوله : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» بالنسبة إلى «صم أيّام شهر رمضان» مثلا تأكيد ، فكما أنّ قوله : «صم أيام ...» ليس إرشاديّا كذلك قوله : «ما لا يدرك ...» فإذا أريد من «ما» الكلّي ذو الأفراد وحده ليس أمره إرشاديّا حتى يلزم استعمال اللفظ الواحد في المولوية والإرشاديّة عند إرادة الجامع بين الكلّ والكلّي ، بل الأمر استعمل في المولوية وحدها ، ولا نحتاج إلى الجامع بين المولويّة والإرشادية حتى يقال : ليس لهما جامع. هذا أوّلا.
وثانيا : لو سلّمت الإرشاديّة عند إرادة الكلّي نقول : يمكن أن تكون المولوية والإرشادية من الدواعي غير داخلتين في المستعمل فيه ، فالمستعمل فيه اللفظ معنى واحد ، فلا إشكال في إرادة الجامع بين الكلّ والكلّي من «ما». (م).