الأولى : ما إذا كان الدوران في واقعة واحدة لا يمكن فيها لا الموافقة القطعيّة ولا المخالفة القطعيّة ، كصوم يوم معيّن ، ولا ريب في التخيير بين الإتيان بالصوم مقترنا بهذا الشيء ومجرّدا عنه.
الثانية : ما إذا كان الدوران في وقائع متعدّدة ، كصوم كلّ يوم من شهر رمضان ، ولا إشكال في التخيير في هذا الفرض أيضا لكن ابتداء لا استمرارا ، كما مرّ في المباحث السابقة ، ومثّلنا له بما إذا دار الأمر بين وجوب وطء امرأتين ، لتعلّق الحلف عليه ، وبين حرمة ذلك ، لتعلّقه على تركه ، وقلنا : إنّه يجب إمّا وطء كلّ منهما أو ترك كلّ منهما تحصيلا للموافقة الاحتماليّة الممكنة وإن كان أمر كلّ بنفسه دائرا بين محذورين ، المقتضي للتخيير ، وذلك لأنّه إذا وطئ إحداهما وترك وطء الأخرى ، يقطع بالمخالفة ، وقد تقدّم فيما تقدّم أنّ العلم الإجمالي يقتضي أمرين : وجوب الموافقة القطعيّة ، وحرمة المخالفة القطعيّة ، فإذا أمكنت كلتاهما ، تجب الأولى وتحرم الثانية ، وإذا لم يمكن الموافقة القطعيّة فقط ، كما في المقام ، تحرم الثانية ، وإذا لم يمكن المخالفة القطعيّة فقط ـ كما إذا علم بوجوب أحد أشياء واضطرّ إلى فعل بعضها ـ وجبت الأولى.
وبالجملة ، العقل مستقلّ بوجوب الإطاعة أوّلا علما مع التمكّن ، وثانيا احتمالا إذا لم يتمكّن من تحصيل العلم بإطاعة التكليف المعلوم وامتثاله.
الثالثة : ما إذا كان الدوران فيما يكون له أفراد طوليّة وعرضيّة ، وهذا الفرض هو الّذي محلّ الكلام في المقام.
وظاهر شيخنا الأنصاري ـ قدسسره ـ التخيير (١). وغاية توجيهه أنّ كلّا من
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٩٧ ـ ٢٩٨.