العبادة اجتهادا أو تقليدا ولم يكن من موارد يجري فيها البراءة بأن كانت الشبهة حكميّة قبل الفحص مع إمكانه ـ أي الفحص ـ والاحتياط في هذا الفرض إمّا لا يحتاج إلى التكرار أو يحتاج ، وفي الثاني إمّا يكون أصل التكليف معلوما وكان الترديد في متعلّقه ، كما إذا علم أصل وجوب الصلاة يوم الجمعة ولكن تردّد أمره بين أن يكون متعلّقا بالظهر وكونه متعلّقا بالجمعة ، أو لا يكون إلّا احتمال التكليف الّذي تردّد متعلّقه بين أمرين على تقدير وجوده. فهنا مسائل ثلاث :
الأولى : فيما لا يحتاج إلى التكرار. والظاهر أنّ المعروف بينهم هو جواز الاحتياط وحسنه ، ولم يعرف خلاف إلّا من القائلين باعتبار قصد الوجه. وقد مرّ الجواب عنه بالقطع بعدم الاعتبار أوّلا من جهة أنّه ممّا يغفل عنه العامّة ، فلا بدّ من التنبيه عليه بالخصوص ، وبالرواية (١) المستفاد منها أنّ الوضوء لا بدّ أن يؤتى بنيّة صالحة يقصد بها ربّه ثانيا ، فإنّ الآتي بالعبادة باحتمال الأمر والمطلوبيّة لربّه لم يقصد إلّا ربّه ، وبأصل البراءة ثالثا لو شككنا في ذلك ، إذ اعتبار الجامع بين قصد الأمر العلمي والاحتمالي ـ وهو الإضافة إلى الله تبارك وتعالى ـ معلوم لنا وخصوصيّة قصد الأمر العلمي مشكوكة يجري فيها البراءة.
هذا ، وقد اختار شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ في بحث الاشتغال من الدورة الأخيرة وجوب الفحص والإتيان بقصد الأمر علما ، لا من جهة اعتبار قصد الوجه ، بل بدعوى القطع أوّلا بأنّ العقل يستقلّ بأنّ الامتثال الاحتمالي والانبعاث عن احتمال الأمر في طول الامتثال التفصيليّ والانبعاث عن شخص الأمر ، وأنّ العقل لا يرى حسنا للامتثال الاحتمالي والانبعاث عن احتمال البعث
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٦٨ ـ ٣ ، الوسائل ١ : ١٠٧ ، الباب ٢٤ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٣.