وهذا بخلاف الصورة السابقة فإنّ ظرف استحقاق العقاب فيها هو بعينه ظرف العصيان وظرف ترك المأمور به لا قبل ذلك ، كما هو واضح.
وإن كانت القدرة شرعيّة وكان لها دخل في الملاك ، فيجوز له أن يجعل نفسه عاجزة اختيارا بترك التعلّم ، ولا يلزم عليه أن يوجد الملاك الملزم في حقّه ، كما لا يلزم أن يجعل الفقير نفسه غنيّة ليجب عليه الخمس ويصير في حقّه ذا ملاك.
وتوهّم كون التعلّم واجبا نفسا حينئذ ، فاسد ، لوجهين :
أحدهما : ما مرّ آنفا من عدم الدليل عليه ، بل الدليل على خلافه.
والثاني : أنّه لو سلّم وجوبه النفسيّ ، فهو فيما إذا كان الواجب موردا لابتلائه لا فيما هو خارج عن محلّ ابتلائه ، ولم يقل أحد بوجوب تعلّم أحكام الحيض على الرّجل أو أحكام الخمس على الفقير إلّا على المجتهد في مقام الفتوى.
وبالجملة ، التعلّم في هذا الفرض ليس له وجوب لا مقدّمة ولا نفسا ولو قلنا بوجوبه النفسيّ في غير هذا الفرض.
نعم ، لو كان ذلك ـ أي عدم صيرورة التكليف ذا ملاك ملزم بواسطة ترك التعلّم ـ غالبيّا ، يستكشف إنّا من نفس دليل التكليف وجوب التعلّم ، لأن لا يكون جعله لغوا ، ولا نحتاج لإثبات ذلك إلى دليل آخر غير دليل نفس التكليف.
ثمّ لا يخفى عدم الفرق بين القطع بسببيّة ترك التعلّم للعجز عن إحراز الامتثال أو نفس الامتثال وبين احتمال سببيّة ترك التعلّم لذلك في وجوب التعلّم واستحقاق العقوبة على المخالفة ، وذلك لوحدة الملاك ، وهو احتمال العقاب المسبّب عن القطع بمخالفة التكليف أو تفويت الملاك أو احتمال ذلك