الشبهة قبل الفحص ، فخالف المولى من دون مؤمّن ، فالعقاب ليس بلا موجب وبلا مقتض (١).
هذا ، ولكن لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّا ذكرنا مرارا أنّ المراد من البيان ليس إيصال التكاليف إلى المكلّفين على سبيل القهر والجبر ، بل المراد جعلها في موضع يمكن للعبد أن يصل إليه عادة ، فإذا فرضنا أنّ هناك تكليفا لم يكن بهذه المثابة ، فالبيان غير تامّ بالقياس إليه واقعا ولو لم يفحص عنه المكلّف ، إذ المفروض أنّه لو فحص أيضا لا يصل إليه ، غاية الأمر أنّه لا يدري أنّ البيان غير تامّ ، ولا يحرز ذلك إلّا بعد الفحص ، لا أنّ البيان قبل الفحص تامّ ، فالعقاب على مثل هذا التكليف عقاب بلا مقتض وبلا بيان.
والحاصل : أنّه يعتبر في استحقاق العقاب أمور : مخالفة الواقع والطريق ووجود طريق إليه بحيث لو فحص عنه يظفر به ، فإن انتفى أحدها بأن عمل عملا وافق الواقع ولكن خالف الطريق الواصل إليه أو خالف الواقع ووافق الطريق أو خالف كليهما لكن لم يكن الطريق بحيث لو فحص عنه لظفر به ، لم يكن مستحقّا للعقاب.
نعم ، يستحقّ العقاب من حيث التجرّي في الأوّل والأخير.
الأمر الثاني : في وجوب الإعادة والقضاء وعدمه ، وأنّ الميزان في الحكم بصحّة العمل المأتيّ به حال ترك التعلّم وعدم وجوب القضاء والإعادة هل هو موافقته للواقع فقط ، أو الطريق ـ الّذي كان من حقّه الرجوع إليه ـ فقط ، أو لا يكفي ذلك بل لا بدّ في ذلك من موافقته لهما؟
لا ريب في كفاية الموافقة للواقع مطلقا إلّا في العبادة مع عدم تمشّي قصد
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣١.