«لا شيء عليه وقد تمّت صلاته» (١) فبعد ما لم ينقص من صلاته شيء وأتى بوظيفته لما ذا يستحقّ العقاب؟ هذا كلّه فيما يتعلّق بالفحص.
وقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّه يجب في الشبهات الحكمية ، ولا يجب في الشبهات الموضوعيّة ، لإطلاق أدلّة البراءة وعدم ورود مقيّد بالنسبة إليها.
هذا ، وقد استثنى شيخنا ـ قدسسره ـ موردين من موارد الشبهات الموضوعيّة ، والتزم بوجوب الفحص فيهما :
أحدهما : ما يتوقّف العلم بتحقّق الموضوع غالبا على الفحص بحيث لو لم يفحص يقع في مخالفة الواقع كثيرا ، وهذا كما في موارد الشكّ في حصول الاستطاعة أو بلوغ النصاب أو زيادة الربح عن مئونة السنة ، فإنّه في هذه الموارد لا يحصل العلم غالبا للمكلّف إلّا بالفحص ، والدليل على وجوب الفحص في هذه الموارد نفس أدلّة التكاليف ، فإنّها بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة ـ صونا لكلام الحكيم عن اللغويّة ـ تدلّ على وجوب الفحص ، إذ مع عدم الفحص يلزم أن يكون جعلها لغوا ، لعدم فعليّة انكشاف موضوعاتها غالبا.
ثانيهما : ما لا يحتاج انكشافه للمكلّف إلّا إلى مجرّد النّظر إليه ، كما في موارد احتمال طلوع الفجر لمن كان على السطح بحيث لا يتوقّف العلم بطلوع الفجر إلّا على مجرّد النّظر إلى الأفق ، فلا يجوز تغميض العين والاشتغال بالأكل والشرب ، تمسّكا بأصل البراءة واستصحاب عدم طلوع الفجر ، فإنّ الفحص لا يصدق عرفا على مجرّد النّظر حتى يقال : إنّ الشبهة موضوعية ولا يجب فيها الفحص (٢).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ ـ ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٣ ، الوسائل ٦ : ٨٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ١.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٤٠.