عن فضله ، غاية الأمر أنّه منهيّ بنهي تنزيهيّ ، وليس المنع موجبا لتضرّر الغير أصلا ، بل موجب لعدم انتفاع الغير به ، وعدم النّفع غير الضرر ، فلا يدخل تحت القاعدة ، ولا مناسبة بينهما أصلا.
وأمّا الأوّل : فلأنّ بين الضرر وثبوت الشفعة عموما من وجه يجتمعان فيما يترتّب على بيع الشريك ضرر على شريك آخر ، ويفترقان فيما إذا كان الشركاء ثلاثة وكان البيع من أحدهما موجبا للضرر على الشريكين الآخرين ، فإنّه مورد للضرر ، ولا تثبت الشفعة ، فإنّها ثابتة في مورد اتّحاد الشريك دون غيره ، وفيما إذا كان الشريك واحدا ولم يكن البيع موجبا لضرر الشريك ، بل كان المشتري بمراتب أحسن وأولى من شريكه. مع أنّ نفي الضرر عبارة عن نفي الحكم الناشئ منه الضرر ، كما يأتي ، وهو لا يثبت حقّ الشفعة ، فالظاهر عدم ارتباط حديث «لا ضرر» بحديث الشفعة ولا بحديث منع فضل الماء وعدم كونه ذيلا لهما.
الأمر الثاني : في معنى ألفاظ الحديث الشريف. والظاهر أنّ الضرر اسم مصدر ـ مصدره الضرّ ـ في مقابل المنفعة ـ كما أنّ الضرّ في مقابل النّفع ـ وليس مقابلا للنفع كما في الكفاية (١) فإنّه اسم مصدر والنّفع مصدر ، وليس تقابلهما تقابل العدم والملكة كما قال به صاحب الكفاية (٢) ، فإنّ معناه هو النقصان في المال أو العرض أو البدن أو الجهة من الجهات الاعتباريّة ، والجامع هو فقدان ما وجد كما أنّ المنفعة هو وجدان ما فقد ، فهو والمنفعة بمنزلة النقيصة والزيادة ، وليس معناه عدم النّفع في مورد شأنيّة حصول النّفع ، ضرورة أنّه لا يصدق على من تمكّن من تجارة مربحة في صورة الترك : أنّه تضرّر.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٣٢.
(٢) كفاية الأصول : ٤٣٢.