نعم ، وردت رواية (١) مضمونها أنّ من هدم حائطه إضرارا بجاره بحيث لم يكن له غرض إلّا ذلك يجبر على البناء ثانيا ، فإن كانت معمولا بها فلا مانع من الالتزام بها في موردها ولكن ليس لنا دليل آخر غير دليل الإتلاف يدلّ على وجوب تدارك الضرر ولو لم يكن مصداقا للإتلاف.
وبالجملة ، حكم الشارع بالتدارك تكليفا أو وضعا كالحكم بضمان الضارّ لا يجعل الضرر لا ضرر حقيقة ولا يسلب عنوان المتضرّر عمّن سرق ماله الكثير ، إذ لا ريب في كون الضرر موضوعا عرفيّا ، والعرف يحكم بتضرّر المسروق منه ولو مع حكم الشارع بوجوب التدارك على السارق أو بضمانه بالقطع واليقين.
وإن كان نظر هذا البعض إلى غير ما ذكر بل إلى أنّ المراد من الضرر هو الضرر غير المتدارك بنحو التقييد ، ففيه ـ مضافا إلى ما ذكرنا من أنّ لازمه تأسيس فقه جديد ـ أنّ التقييد بلا قرينة عليه غير سديد ، كما أفاده في الكفاية (٢).
وأمّا الوجوه الثلاثة الأخر فأحسنها ثالثها ، وهو نفي الحكم الناشئ منه الضرر في الشريعة المقدّسة. وهذا هو الصواب الّذي ليس فيه ارتياب. وتوضيح المرام وتحقيق المقام يستدعي البسط في الكلام.
فنقول : إنّ هذا التركيب لا ريب في صحّة استعماله في مقام النهي عن المنفيّ ب «لا» كما يمكن استعمال الجملة الخبريّة ك «يعيد صلاته» وغير ذلك في مقام الأمر بالإعادة ، وغيرها ، فإنّ المولى لشدّة محبوبيّة الشيء أو مبغوضيّته عنده يخبر عن وقوعه أو عن عدمه كناية عن النهي عن الإيجاد أو الأمر به ، وقد
__________________
(١) دعائم الإسلام ٢ : ٥٠٤ ـ ١٨٠٥ ، مستدرك الوسائل ١٣ : ٤٤٧ ، الباب ١٠ من أبواب كتاب الصلح ، الحديث ١.
(٢) كفاية الأصول : ٤٣٣.