الموارد التي تمسّك بها المشهور ـ كقاعدة الميسور ـ لأجل ذلك لا وجه له.
الأمر الثالث : في بيان النسبة بين دليل «لا ضرر» وأدلّة الأحكام.
ذكروا أنّ النسبة بينه وبين كلّ واحد من أدلّة الأحكام عموم من وجه ، فإنّ دليل الوضوء مثلا شامل لمورد الضرر وغيره ، وهكذا دليل «لا ضرر» يشمل الوضوء الضرري وغيره.
فذهب بعض إلى تقديم قاعدة «لا ضرر» وترجيح دليلها ، لعمل المشهور على طبقها ، فيعمل بها في الموارد التي عمل بها المشهور.
وآخر إلى تساقطهما والرجوع إلى ما ينتج نتيجة العمل بالقاعدة ، وهو أصل البراءة عن وجوب الوضوء في المثال.
وثالث إلى تقديم دليل «لا ضرر» نظرا إلى أنّ النسبة تلاحظ بين مجموع الأحكام ودليل «لا ضرر» فإنّه ناظر إلى نفي الضرر في الإسلام ، وليس الإسلام إلّا مجموع هذه الأحكام ، ومن المعلوم أنّ النسبة بينهما عموم مطلق ، فيقدّم دليل الخاصّ ـ وهو «لا ضرر» ـ على مجموع أدلّة الأحكام الشاملة لحال الضرر وغيره.
ورابع إلى تقديم دليل «لا ضرر» وإن كان أعمّ من وجه من كلّ واحد من أدلّة الأحكام كلّا من جهة أنّ تقديم أدلّة الأحكام على دليل «لا ضرر» موجب لصيرورته بلا مورد ، وترجيح بعضها عليه دون بعض ترجيح بلا مرجّح ، فيتعيّن ترجيح دليل «لا ضرر» لئلا يلزم هذان المحذوران.
وهناك مرجّح خامس ، وهو ما أفاده صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ من تقديم ما يتكفّل لحكم العنوان الثانوي على ما يتكفّل لحكم العنوان الأوّلي عرفا ، وأنّ العرف يحملون الثاني على إرادة الحكم الاقتضائي ، والأوّل على الفعلي ، فمقتضى الجمع العرفي حمل دليل وجوب الوضوء على بيان الحكم