لا يفيد في الحكم بالوجوب.
وإن كان حكما مولويّا ، فما معنى كونه حكما مولويّا ومع ذلك ليس بفعليّ؟ إذ الحكم بأيّ معنى كان ـ سواء كانت حقيقته الإرادة أو الاعتبار أو جعل الداعي ـ إذا تحقّق في الخارج ، فبمجرّد فعليّة موضوعه يصير فعليّا ، وإذا لم يتحقّق ، فلا حكم في البين.
هذا ، مضافا إلى ما ذكرنا من لزوم عدم الدليل على وجوب الوضوء غير الضرري مثلا ، فإنّ الحكم الاقتضائي لا امتثال له ، فإذا حمل دليل وجوب الوضوء على الحكم الاقتضائي المولوي بمقتضى دليل «لا ضرر» فليس لنا دليل يدلّ على وجوب الوضوء فعلا ، لاحتمال وجود مانع آخر غير الضرر ، ولا أثر لوجوبه الاقتضائي.
فظهر أنّ الصحيح ما ذكر من عدم المعارضة بين دليل «لا ضرر» وكلّ واحد من أدلّة الأحكام لأجل حكومته عليه ، فيقدّم من غير ملاحظة النسبة.
ثمّ إنّه لا بدّ من تحقيق أمور ثلاثة : معنى الحكومة ، وأنّها ثابتة في المقام ، والوجه في تقديم دليل الحاكم على دليل المحكوم.
أمّا الأوّل : فالحكومة الواقعيّة ـ التي هي مربوطة بالمقام ـ هي أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الدليل الآخر ومبيّنا وشارحا للمراد الجدّي من الدليل الآخر.
وبعبارة أخرى : يكون مفاد أحد الدليلين هو النتيجة المترتّبة على تقديم أحد الدليلين المتعارضين لأقوائيّته في الدلالة من الحكم بكون المراد الجدّي من «أكرم العلماء» مثلا غير عنوان الخاصّ الّذي هو «لا تكرم الفسّاق منهم» وأنّ العالم الفاسق غير مراد من العامّ في «أكرم العلماء» فالدليل الحاكم ما يتكفّل هو بنفسه لذلك ، وهو على أقسام :