مجال لأصل البراءة مثلا ولا موضوع له ، فإنّه لا يكون متحيّرا من حيث العمل والبناء. وتمام الكلام في محلّه إن شاء الله. هذا كلّه في قيام الأصول المحرزة مقام القطع.
أمّا الأصل غير المحرز ـ الّذي لا نظر له إلى الواقع أصلا ، وإنّما هو وظيفة عمليّة في ظرف الشكّ ، كأصالة البراءة والاحتياط ـ فلا وجه لقيامه مقام القطع مطلقا.
أمّا القطع الموضوعي : فواضح ، إذ المفروض أنّه أصل غير محرز ، فالواقع غير محرز لا وجدانا ولا تعبّدا ، فكيف يقوم ما لا يكون محرزا لا حقيقة ولا تعبّدا مقام المحرز الوجداني ، وهو القطع!؟
وأمّا عدم قيامه مقام القطع الطريقي : فلأنّ البراءة العقليّة عبارة عن حكم العقل بمعذوريّة المكلّف وعدم منجّزيّة الواقع في حقّه ، كما أنّ الاحتياط العقلي في موارد العلم الإجمالي والشبهات قبل الفحص عبارة عن حكم العقل بمنجّزيّة الواقع في حقّ المكلّف والمنجّزيّة والمعذّريّة من آثار القطع ، فكيف يقوم مقامه!؟
وبعبارة أخرى : الأثر المرغوب من القطع هو التنجيز والتعذير ، وأصل البراءة والاحتياط العقليّين ليسا إلّا إدراك العقل منجّزيّة الواقع وكون المكلّف مستحقّا للعقاب على تقدير المخالفة ، وإدراكه معذوريّته وعدم تنجّز الواقع في حقّه وقبح العقاب عليه ، اللذين هما أثران للقطع الطريقي ، وليس الاحتياط شيئا له أثر التنجّز شرعا ، كما أنّه ليس البراءة شيئا له أثر التعذير تعبّدا حتى يقوم مقام القطع الّذي يكون له هذان الأثران لا بالتعبّد بل ذاتا.
والبراءة الشرعيّة عبارة عن حكم الشارع بمعذوريّة المكلّف وعدم استحقاقه العقاب على تقدير الاقتحام في الحرام في ظرف الشكّ وعدم إحراز