والحاصل : أنّ أصالة الظهور وإن كانت تقتضي حمل لفظ «الأسد» على الحيوان المفترس إلّا أنّه إذا دلّ دليل على إرادة الرّجل الشجاع منه ، فلا يبقى مجال لأصالة الظهور. وهكذا أصالة الحلّ وإن كانت مقتضية لحلّيّة ما شكّ في خمريّته إلّا أنّه إذا قامت البيّنة على أنّه خمر لا مجال لها ، ضرورة أنّ موضوع أصالة الظهور هو الشكّ في المراد ، وموضوع أصالة الحلّ الشكّ في الحلّيّة والدليل بيّن المراد وبيّن خمريّته ورفع الشكّ تعبّدا ، فلا يبقى للأصل موضوع أصلا.
وهذا البيان يجري في كلّ قرينة بالقياس إلى ذيها ، فكلّ ما ورد قرينة لشيء ولو كان ظهوره أضعف الظهورات يتقدّم عليه ولو كان ظهوره أقوى الظهورات.
والسرّ ما ذكرنا من أنّ ظهور ذي القرينة ـ أيّا ما كان عامّا أو مطلقا أو غيرهما ـ وحجّيّته من جهة أصالة الظهور عند الشكّ في المراد ، والقرينة ظهورها يرفع موضوع هذا الأصل.
ففي المقام الدليل الناظر إلى عقد الحمل والشارح لأنّ الأحكام الضرريّة والحرجيّة غير مجعولة لا ينافي أدلّة الأحكام المطلقة من حيث الضرر وعدمه ، بل المنافاة بينه وبين أصالة الإطلاق ، الثابتة عند الشكّ في المراد ، ومن الواضح أنّه لا مورد لها بعد معلوميّة المراد بسبب دليل «لا حرج» و «لا ضرر» وبذلك يصحّ أن يقال : إنّ دليل الحاكم في جميع أقسام الحكومة رافع للموضوع إمّا موضوع نفس دليل المحكوم كما في «لا شكّ لكثير الشكّ» أو موضوع الأصل العقلائي الجاري فيه ، وهو الشكّ في المراد.
الأمر الرابع : أنّ الضرر المنفيّ هو الضرر الواقعي لا الضرر المعلوم عند المكلّف ، ضرورة أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة لا المعلومة عند