خلاف الامتنان ، بل الامتنان يقتضي أن يكون وضوؤه مأمورا به حتى لا يجب عليه شيء آخر.
وثانيها : ما ذكره شيخنا الأستاذ (١) ـ قدسسره ـ من أنّ مفاد «لا ضرر» لو كان نفي الموضوع الضرري ـ كما اختاره صاحب الكفاية (٢) ـ فللإشكال مجال على تقدير عدم تماميّة الجواب الأوّل.
أمّا إذا كان مفاده نفي الحكم الناشئ منه الضرر ـ كما هو المختار تبعا للشيخ (٣) قدسسره ـ فيرتفع الإشكال ، فإنّ الضرر في هذه الموارد لم ينشأ من حكم الشارع بالوجوب حتى يرتفع ، بل نشأ من اعتقاد المكلّف بالوجوب ، ولذا لو لم يكن في الواقع واجبا لوقع في الضرر أيضا.
ولا يخفى ما فيه ، فإنّ مفاد «لا ضرر» ليس نفي الضرر الخارجي ، بل مفاده ـ كما ذكرنا ـ نفي الضرر في عالم التشريع ، ومن المعلوم أنّ إيجاب الوضوء الضرري جعل للضرر في عالم التشريع سواء وصل ذلك إلى المكلّف وعلم به وامتثله أو لم يصل أو وصل وعصى ، ونفيه نفي للضرر في عالم التشريع.
والتحقيق أن يقال : لا بدّ في رفع الإشكال من الالتزام بأحد أمرين : إمّا إنكار حرمة الإضرار بالنفس في غير النّفس والطرف ودعوى أنّه لا دليل على عدم جواز أن يهب أحد جميع ما له لغيره ولو مع عدم قصد التقرّب ، وهكذا أمثال ذلك ممّا يوجب الضرر على النّفس ، أو عدم إنكار ذلك والبناء على الحرمة كما ادّعى الشيخ ـ قدسسره ـ دلالة الأدلّة السمعيّة والعقليّة عليها (٤) ، وإنكار
__________________
(١) قاعدة لا ضرر (المطبوعة مع منية الطالب) : ٢١٥.
(٢) كفاية الأصول : ٤٣٢.
(٣) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٢.
(٤) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٣.