العين أو غير ذلك يكون مصداقا للإضرار عرفا ، فإن كان الإضرار حراما ، فالوضوء أو الصوم أو غير ذلك ممّا يوجب نقصا في النّفس يكون مصداقا للإضرار بالنفس حقيقة.
وأمّا الثاني : فادّعى الشيخ ـ قدسسره ـ دلالة الأدلّة السمعيّة والعقليّة عليه ، ولكن لم يظهر لنا دليل يدلّ على ذلك.
نعم ، خصوص الإلقاء في التهلكة حرام قطعا بمقتضى قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١) وهكذا قطع اليد والرّجل وأمثال ذلك ممّا يقطع بحرمته بالإجماع ، أمّا مثل فعل يوجب شدّة وجع العين ، أو الحمّى يوما أو يومين ، وأمثال ذلك فممّا لا يدلّ على حرمته عقل ولا نقل.
وقوله عليهالسلام : «الجار كالنفس لا مضارّ ولا آثم» (٢) أجنبيّ عن المقام ، فإنّ الجار في هذه الرواية نزّل منزلة النّفس ، فكما أنّ الشخص لا يضرّ نفسه ولا يعدّ نفسه آثما أيّ لا يعدّ فعله إثما كذلك يجب عليه أن لا يضرّ جاره ولا يعدّ فعل جاره إثما.
وهكذا قاعدة لا ضرر أيضا أجنبيّة عن حكم الإضرار بالنفس ، وإنّما ما تنفيه القاعدة هو الإلزام المستلزم للإضرار بالنفس أو الغير لا جواز الإضرار بالنفس ، واعترف بذلك الشيخ (٣) قدسسره أيضا ، فلا دليل على حرمة الإضرار بالنفس مطلقا كما في الإضرار بالغير ، الّذي دلّت عليه روايات كثيرة ، منها : قوله عليهالسلام ، المرويّ من طرق العامّة والخاصّة : «المسلم من سلم المسلمون من
__________________
(١) البقرة : ١٩٥.
(٢) الكافي ٥ : ٢٩٢ ـ ١ ، التهذيب ٧ : ١٤٦ ـ ٦٥٠ ، الوسائل ٢٥ : ٤٢٨ ، الباب ١٢ من أبواب كتاب إحياء الموات ، الحديث ٢.
(٣) رسالة في قاعدة نفي الضرر (المطبوعة مع المكاسب) : ٣٧٣.