إلّا أنّه لم تتعلّق الحرمة فيها بعنوان المضرّ ، ولحم الخنزير والخمر والميتة لا ضرر فيها بالنسبة إلى المتعوّدين ، وهكذا لا ضرر في قليل منها بالقياس إلى كلّ أحد ، فلا يمكن الالتزام بأنّ حرمتها من جهة كونها مضرّة بالبدن ، فإنّ لازمه الاقتصار على مورد الضرر والحكم بعدم حرمة القليل منها وعدم كونها حراما على من لا تضرّ بهم من المتعوّدين وغيرهم ، فلعلّ المراد بالضرر هو الضرر على النّفس وانحطاط رتبتها ، ويمكن أن يكون حكمة للتشريع أيضا ، بل لا يبعد ذلك.
هذا كلّه فيما إذا علم بعدم الضرر ، أمّا إذا توضّأ وصام مثلا مع العلم بالضرر ، فالمعروف بين المتأخّرين ، منهم : صاحب العروة (١) والحاج آقا رضا الهمداني (٢) في باب التيمّم ، هو : الحكم بالبطلان ، وفرّقوا بين الضرر والحرج بأنّ الحرج حيث إنّه لم يدلّ دليل على حرمته فمع تحمّله يحكم بصحّة ما تحمّله من العبادة ، لعدم اقتضاء نفي الحرج من جهة كونه واردا في مقام الامتنان إلّا نفي الإلزام بما فيه حرج لا أصل الجواز ، فإذا كان الوضوء الحرجيّ ـ مثلا ـ جائزا أو مأمورا به حيث لم يرفع إلّا الإلزام المتعلّق به يحكم بصحّته ، وهذا بخلاف الوضوء الضرري ، فإنّه حرام ، لكونه مصداقا للإضرار بالنفس ، المحرّم ، فلا يمكن أن يتقرّب به.
__________________
ـ المفضل نفسه فالروايات الواردة في شأنه وكذا أقوال الرجاليّين فيه متعارضة ، وعلى فرض كونه ثقة يقع الكلام في محمد بن مسلم فإنّ من هو من أصحاب الصادقين عليهماالسلام لا يمكن لأحمد بن محمد بن خالد البرقي أن ينقل عنه ، فهو شخص آخر مجهول. ومحمد بن أسلم أيضا لم يثبت وثاقته. وأمّا عبد الرحمن بن سالم فهو ضعيف. وبالجملة لا يمكن إثبات اعتبار الرواية. (م).
(١) العروة الوثقى ، فصل في التيمّم : المسألة ١٩.
(٢) مصباح الفقيه ١ : ٤٦٣.