الإلزاميّ الحرجي ، كيف لا!؟ وقد صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى تورّمت قدماه فنزل (طه. ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى)(١) والمستحبّات الحرجيّة ولو شخصا مثل استحباب زيارة الحسين عليهالسلام ، والحجّ ماشيا وأمثالهما كثيرة جدّاً لا يمكن إنكارها ، والحرج والضرر كلاهما من واد واحد.
بقي فرعان هما : ما إذا تيمّم باعتقاد عدم وجود الماء أو وجود الضرر ثمّ انكشف خلافه ، فذهب شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ بصحّة التيمّم فيهما (٢) ، نظرا إلى أنّ موضوع التيمّم ـ وهو فقدان الماء ـ محقّق حقيقة ، إذ الفاقد هو الّذي لا يتمكّن من استعمال الماء عقلا أو شرعا لا من ليس عنده الماء ، ومن المعلوم أنّ المعتقد بعدم وجود الماء لا يتمكّن من استعمال الماء الموجود عنده المجهول له ، ولذا لا يمكن تكليفه في هذا الحال بالوضوء ، فإنّه تكليف بما لا يطاق ، لعدم إمكان انبعاثه عنه.
وما أفاده ـ قدسسره ـ فيما إذا تيمّم باعتقاد عدم الماء من صدق عنوان الفاقد عليه حقيقة تامّ لا ريب فيه ، وأمّا في الفرع الثاني فلا ، بل يأتي فيه التفصيل المتقدّم من أنّ الضرر على النّفس إن قلنا بحرمته مطلقا ، فحيث إنّ الوضوء باعتقاده مصداق للعنوان المحرّم وهو غير متمكّن منه شرعا والممنوع شرعا كالممتنع عقلا ، فيصدق عليه أنّه غير واجد للماء حقيقة ، فيصحّ تيمّمه ، فلا تجب إعادة الصلاة بعد انكشاف الخلاف مع الوضوء مطلقا أو في خصوص خارج الوقت على الخلاف.
وإن لم نقل بحرمته ، فالوضوء لا يكون ممنوعا شرعا لا واقعا ولا باعتقاده ، بل يعتقد شمول دليل «لا ضرر» له ، وأنّه مأمور بالتيمّم ، ولا يجب
__________________
(١) طه : ١ و ٢.
(٢) قاعدة لا ضرر (المطبوعة مع منية الطالب) : ٢١٦.