تصوّره مساوقا لتصديقه إلّا أنّ مجرّد الإمكان لا يكفي ما لم يكن الدليل على الوقوع ، ففي مثل الصلاة والإزالة ـ حيث إنّ الأمر المتعلّق بكلّ منهما مطلق بحيث لو قدر المكلّف على امتثالهما معا لوجب عليه وإنّما التزاحم في مقام الامتثال ـ لا بدّ من الالتزام بالترتّب ، فإنّه لا موجب لرفع اليد عن إطلاق دليل الصلاة إلّا حال اشتغال المكلّف بالإزالة ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الأمر بالوضوء من الأوّل مقيّد بصورة التمكّن من استعمال الماء عقلا وشرعا ، فمع وجوب صرفه في غير الوضوء شرعا لا يكون واجدا للماء شرعا.
وهذا يجري في كلّ ما أخذت فيه القدرة الشرعيّة ، مثلا : الاستطاعة أخذت شرعا في موضوع وجوب الحجّ ، فلا يمكن الحكم بوجوب الحجّ ترتّبا على من هو غير متمكّن منه ، لكونه مديونا مع تمكّنه بعصيان أمر أداء الدّين ، ضرورة أنّه غير مستطيع شرعا وإن كان مستطيعا عقلا ولكنّ الموضوع هو الاستطاعة الشرعيّة دون العقليّة.
الأمر الخامس : أنّ دليل «لا ضرر» ناف للحكم الناشئ منه الضرر ، لا أنّه مثبت لحكم في مورد الضرر يرفع به الضرر ، فمن تسبّب إلى ضرر أحد بحيث لا يصدق عليه الإتلاف ـ كفكّ صيد الصائد أو فتح قفص طائر الغير حيث إنّه يصدق على ذلك الإتلاف حقيقة ، ضرورة أنّ الغزال الوحشي المربوط أو الطائر المحبوس في القفص لا يبقى بعد فكّه أو فتح القفص ، بل كان مجرّد فعل أو ترك يترتّب عليه الإضرار بلا صدق الإتلاف عليه ، كما في ترك إنفاق الزوج ، فإنّه ضرر على الزوجة ، وحبس أحد يترتّب على حبسه سرقة ماله ـ لا يمكن الحكم بضمانه من جهة قاعدة لا ضرر ، ولا الحكم بحكم آخر يرفع به الضرر ، كالحكم بولاية الحاكم أو الزوجة على الطلاق.
وقد تمسّك بعض بقاعدة لا ضرر ، وحكم بضمان الحابس ما تضرّر به