وملخّص الكلام : أنّ كلّ ما يكفي إحرازه في ثبوت الحكم له ، يشمله دليل الأمارة لو قامت عليه ، وما لا يكفي إحرازه في ذلك بل يحتاج إلى عناية أخرى ، لا يفيد قيام الأمارة عليه ، ولا يشمله دليل اعتبارها ، ومن هذه الجهة أنكرنا حجّيّة الأصول المثبتة ، فإنّ الأصل الّذي لا يترتّب عليه أثر شرعيّ عمليّ بل الأثر كان مترتّبا على لازمه العقليّ ، شمول دليل «لا تنقض اليقين بالشك» مثلا له يتوقّف على وجود الأثر له شرعا ، فلو كان وجود الأثر أيضا متوقّفا على شمول الدليل ، يلزم الدور.
نعم ، لو وردت رواية خاصّة على حجّيّة إخبار البيّنة بالكرّيّة أو استصحاب الحياة ، نحكم بعدم انفعال المائع ، وكونه ماء في الأوّل ، وإنبات اللحية ووجوب التصدّق في الثاني ، صونا لكلام الحكيم عن اللغويّة.
الأمر الثالث : قد مرّ أقسام القطع وأنّه امّا طريقي محض أو مأخوذ في الموضوع ، وإنّ الأوّل لا يمكن أخذه في موضوع متعلّق نفسه ولا في موضوع حكم آخر ضدّ ما تعلّق به القطع ، وأنّه يمكن أخذه في موضوع حكم آخر مثل ما تعلّق به ، خلافا لشيخنا الأستاذ. والثاني إمّا أخذ على وجه الطريقيّة أو الصفتيّة ، والثاني إمّا بنحو تمام الموضوع أو جزء الموضوع وقد عرفت الإشكال في أخذ الأوّل تمام الموضوع وأنّه قسم واحد وهو كونه جزء الموضوع.
وبقي من الأقسام قسم واحد ، وهو : أخذ القطع بمرتبة من الحكم في [موضوع] مرتبة أخرى منه أو مثله أو ضدّه ، وصحّحه صاحب الكفاية (١).
وهو تامّ على مبناه من كون الحكم ذا مراتب ، حيث إنّه لا محذور في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٠٧.