ثمّ إنّ الأقسام المذكورة للقطع تأتي في الظنّ أيضا بكلا قسميه : ما اعتبره الشارع وأعطاه صفة الطريقيّة ، وما لم يعتبره ولم يعطه تلك ، فكما أنّ القطع يمكن أن يكون طريقا محضا لمتعلّقه ، ومخالفته توجب استحقاق العقاب على تقدير الإصابة والتجرّي على تقدير عدمها ، كذلك الظنّ المعتبر يثبت به متعلّقه ، وفي فرض المخالفة مخالفته تجرّ على المولى.
ويمكن أيضا أخذه موضوعا لحكم آخر ـ مخالف لحكم متعلّقه لا يضادّه ولا يماثله ـ بنحو الطريقيّة والصفتيّة ، وفي الثاني إمّا بنحو يكون تمام الموضوع أو جزءا للموضوع ، كما إذا أخذ الظنّ المعتبر بوجوب الصلاة في موضوع وجوب الصدقة بأحد الأنحاء الثلاثة.
وهكذا يمكن أخذه موضوعا لما يماثل متعلّقه من الحكم ولو قلنا باستحالته في القطع ، للزوم اجتماع المثلين في نظر القاطع الّذي لا يرى إلّا الواقع باعتقاده ، وذلك لأنّ الظنّ المعتبر وإن كان قطعا تعبّدا والشارع ألغى احتمال الخلاف فيه إلّا أنّ احتمال مخالفته للواقع تكوينا مع ذلك موجود بالوجدان ، فإذا كان الظنّ بخمريّة مائع ، الحاصل من طريق معتبر مأخوذا في موضوع الحرمة ، لا يلزم [منه] اجتماع المثلين في نظر الظانّ ، فإنّه يحتمل أن لا يصادف ظنّه للواقع ، فيكون من قبيل عنوانين محكومين بحكمين متماثلين بينهما عموم من وجه ، فيتأكّد الحكم إذا صادف الظنّ للواقع واجتمع فيه عنوان الخمر الواقعي المحكوم بالحرمة وعنوان مظنون الخمريّة المحكوم بالحرمة أيضا ، فظهر أنّ قياس الظنّ بالقطع ـ كما فعله شيخنا الأستاذ (١) على تقدير
__________________
ـ حقّه ، فالعلم متعلّق بالوجوب الإنشائيّ والمترتّب عليه هو الوجوب الفعلي ، فلا دور. (م).
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٩.