ومحلّ النزاع مورد لا يكون فيه مخالفة عمليّة أصلا ، كما إذا دار أمر شيء بين أن يكون واجبا أو حراما ، وهكذا في كلّ مورد يكون الأمر دائرا بين محذورين ، وكما إذا علم تفصيلا بنجاسة إناءين ، ثم علم بطهارة أحدهما أو قامت البيّنة على ذلك.
والكلام تارة يقع من حيث شمول أدلّة الأصول بنفسها للمقام مع قطع النّظر عن وجوب الموافقة الالتزاميّة وعدمه ، وتفصيل القول من هذا الحيث وبيان أنّ أدلّة الأصول شاملة بنفسها لأمثال هذه الموارد أو منصرفة إلى غيرها موكول إلى محلّه.
وأخرى من حيث وجوب الموافقة الالتزاميّة وعدمه ، وعلى تقدير الوجوب في مانعيّة المخالفة القطعيّة الالتزامية عن إجراء الأصول وعدمها ، فهناك جهتان :
الأولى : في أصل وجوب الموافقة الالتزاميّة.
فنقول : إنّ القائل بالوجوب إن أراد به وجوب الالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه ـ بأن التزم تفصيلا بوجوب ما يعلم بوجوبه تفصيلا ، وإجمالا بما يعلم بوجوبه إجمالا ، وهكذا سائر الأحكام الإلزاميّة تكليفا أو وضعا ـ فلا ريب فيه ، ولا ينبغي إنكاره ، ضرورة أنّه من لوازم التصديق بالنبوّة ، ولا يختصّ بالتكاليف الالتزاميّة ، بل يعمّ جميع الأحكام ما يكون متوجّها إلى نفسه ، كوجوب الصلاة ، وما يكون متوجّها إلى غيره ، كأحكام الحائض ، المختصّة بالنساء ، بل غير الأحكام والتكاليف ، فكلّ ما أخبر به النبي صلىاللهعليهوآله ـ سواء كان الإخبار بالحكم أو بأمر آخر غيره ـ يجب الالتزام به على تقدير العلم به بنحو ما علم به إن تفصيلا فتفصيلا وإن إجمالا فإجمالا.
وإن كان مراده أنّه يجب في خصوص التكاليف الإيجابيّة الإتيان بعنوان