بالحكم الواقعي إجمالا ، ولا محذور فيه.
الأمر الخامس : ذهب بعض (١) إلى عدم الاعتبار بقطع القطّاع الّذي يقطع ممّا لا ينبغي أن يقطع منه كما في كثير الظنّ وكثير الشكّ.
والحقّ أنّه لا ريب في أنّ الشكّ المأخوذ في الموضوع وهكذا الظنّ المأخوذ في الموضوع منصرف إلى الشكوك والظنون المتعارفة ، فإذا ورد «أنّه إذا شككت بين الثلاث والأربع فابن علي الأكثر وافعل كذا» لا يشمل كثير الشكّ ومن كان خارجا عن المتعارف في ذلك ، وهكذا إذا عيّن في دليل وظيفة للظانّ في الركعات لا يشمل الدليل من يظنّ كثيرا ، بل حكمه حكم الشاكّ ، ومقتضى القاعدة ـ لو لا الدليل الخارجي ـ هو البطلان في كليهما.
وأمّا القطع : فهو وإن كان كذلك فيما إذا أخذ في الموضوع ـ ومن جهة انصراف الدليل إلى غير من يقطع ممّا لا ينبغي حصول القطع منه لا يرتّب غير القاطع آثار القطع على قطع القطّاع ، مثلا : لو كان الشاهد قطّاعا لا يرتّب الحاكم على قطع مثل هذا الشاهد أثرا ولا يقبل شهادته ـ إلّا أنّ نفس القاطع لا يلتف إلى أنّ قطعه خارج عن المتعارف وحاصل ممّا لا ينبغي حصوله منه ، بل هو يخطئ غيره ويرى أنّ كلّ أحد يقطع لو التفت إلى سبب قطعه ، فلا يفيد الانصراف بالنسبة إلى نفس القطّاع ولا يمكن نهيه عن اتّباع القطع ، لما عرفت من أنّه لا يرى قطعه خارجا عن المتعارف أبدا حتى ينتهي بنهيه عن اتّباع مثل هذا القطع ، فلا يفيد النهي في حقّه أصلا.
هذا في القطع الموضوعي ، أي الطريقي أو الصفتي المأخوذ في
__________________
ـ القاضي ، الحديث ٦٧.
(١) هو صاحب كشف الغطاء كما نقل عنه في أجود التقريرات ٢ : ٤١ ، وانظر : كشف الغطاء : ٦٤ ، المقصد العاشر.