الأوّل : في ثبوت هذه النسبة ، وقد أنكرها صاحب الكفاية واستظهر كذبها من بعض كلماتهم (١).
والحقّ ثبوتها ، لصراحة بعض عباراتهم وظهور بعضها في ذلك ، فإنّ ظاهر المحدّث الأسترآبادي ـ حيث حصر مدرك الأحكام بما استقلّ به العقل من الضروريّات والفطريّات ك «الواحد نصف الاثنين» وما روي عن الصادقين عليهمالسلام واستفيد من الكتاب والسنّة ـ عدم الاعتبار بما أدركه العقل من النظريّات بالبراهين العقليّة (٢) ، وصريح السيّد نعمة الله الجزائري أيضا ذلك (٣). والحاصل : أنّ بعضهم قائل بهذه المقالة ولا يمكن إنكارها.
المقام الثاني : أنّ ما يمكن أو يتوهّم كونه مدركا لجواز تحصيل القطع من غير الكتاب والسنّة من البراهين العقليّة النظريّة أحد أمور ثلاثة :
الأوّل : إدراك العقل مصلحة شيء أو مفسدته والقطع بكون شيء ذا مصلحة أو ذا مفسدة ، فإنّ الأحكام الشرعيّة حيث إنّها تابعة للمصالح والمفاسد الواقعيّة فكلّما أدرك العقل وأحرز مصلحة أو مفسدة في شيء فيستكشف أنّه واجب أو حرام.
وهذه الكبرى الكليّة وإن كانت مسلّمة ، وعلى فرض حصول القطع بأنّ لشيء مصلحة ملزمة غير مزاحمة مع شيء آخر لا ينبغي الشكّ في ترتّب الحكم الشرعي واستكشافه بطريق «الإنّ» إلّا أنّ الكلام في صغرى هذه الكبرى ، وأنّى لنا بإثبات ملاكات الأحكام ، التي هي أمور واقعيّة خفيّة لا طريق للعقل إليها ولا يمكنه الوصول إلى جميع ما له دخل في الحكم من المقتضي والشرط وعدم عليهالسلام
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١١.
(٢) الفوائد المدنية : ١٢٨ ـ ١٣١.
(٣) الأنوار النعمانيّة ٣ : ١٣٢ ـ ١٣٣.