فإنّ الظنّ في بعض الموارد يجري عليه حكم الشكّ ، كما في الظنّ غير المعتبر ، والشك ربّما يجري عليه حكم الظنّ ، كما إذا قام أمارة غير مفيدة للظنّ على شيء.
ثمّ قال : وإن أبيت إلّا عن تثليث الأقسام ، فالأولى أن يقال : إنّ المكلّف إمّا قاطع أولا ، وعلى الثاني إمّا أن يقوم عنده طريق معتبر أولا ، لئلا تتداخل الأقسام (١). هذا خلاصة ما أفاده قدّس سره.
والظاهر أنّه لا وجه للعدول ، وذلك لأنّ المكلّف بعد ما علم أنّه عبد ، وله مولى كلّفه بتكاليف لا بدّ له من تحصيل مؤمّن من تبعات هذه التكاليف ، وهو أحد أمور ثلاثة :
الأوّل : القطع الوجداني.
الثاني : القطع التنزيلي بالرجوع إلى الطرق الظنّيّة المعتبرة التي نزّلها الشارع منزلة القطع.
الثالث : الرجوع إلى الوظائف التي عيّنت للشاكّ في الحكم الواقعي لو لم يحصل له القطع الوجداني ولا التنزيلي به ، فيصحّ أن يجعل متعلّق القطع خصوص الحكم الواقعي ويقال : إنّ المكلّف إمّا أن يحصل له القطع الوجداني به ، وهو المؤمّن الأوّل ، أو الظنّ به ، أي الكاشف عنه وما جعله الشارع قطعا تنزيلا وتعبّدا ، وهذا هو المؤمّن الثاني ، أو الشكّ ، فيرجع إلى ما جعله الشارع وظيفة له في ظرف الشكّ.
والحاصل : أنّ العبد لا بدّ له من أن يخرج عن عهدة التكليف الواقعي ويقطع بالأمن من العقاب من ناحيته دائما ، وهو بأحد هذه الأمور ، وتثليث
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٩٦ ـ ٢٩٧.